الذكرى الستون لثورة الثامن من آذار المجيدة نستذكرها ونتفيّأ بظلّها الذي رسم ملامح تطلّعات الشعب السوري في بناء الدولة بقوانينها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والتي كانت قاعدة شعبية لانطلاق مسار التصحيح فيما بعد، وأثبتت أن القوى الكامنة للشعب قادرة على البناء ومواجهة التحدّيات وترسيخ الحياة الحضارية والتاريخية والإنسانية.
بقيت البنى الأساسية والمؤسسات والحياة الدستورية وبناء الدولة بمكوّناتها وإرثها الإنساني الذي خلقته ثورة آذار والتصحيح لبنة أساسية في استمرار الدولة السورية ومقاومتها لكلّ أشكال العدوان والإرهاب والكوارث الطبيعية والإنسانية.
عاشت سورية ثورة في قلب ثورة وأرست قواعد حداثية قوامها ومنهجها ومسارها الوطني والقومي والعروبي لم يتبدّل على مرّ التاريخ وتأتي هذه الأيام العصيبة لتثبت صدق وصوابية مسارها العروبي والقومي، حيث بدأ يؤتي ثماره باصطفاف الأشقاء والأصدقاء حول سورية في كارثتها الإنسانية بفعل الزلزال ومساندتها كوطن قومي عروبي دافع عن قضايا الأمم والشعوب المكلومة في بقاع الأرض…
الفكر والثقافة التي اكتسبهما الشعب السوري على مرّ التاريخ يؤكّد أن الطاقات الإنسانية والأفكار الإبداعية تمّ توظيفها بالشكل الأمثل والتي هزمت أشكال الاستعمار وبذلت الدماء في سبيل الوطن وتستمرّ في المقاومة والعمل على الصعيد الزراعي والاقتصادي والصناعي والثقافي والاجتماعي لتبقى صامدة شامخة كشموخ أبنائها في بقاع سورية.
المستقبل مع هذا الشعب الذي خاض ثورة آذار وسار في التصحيح وانتصر في حرب تشرين وفي حروبه ضدّ الإرهاب العالمي وصموده في وجه الكوارث هو مستقبل لا خوف عليه لأنه يتجدّد باستمرار، فالوطن في قلبه والعمل الدؤوب نصب عينيه، ينفض الغبار عن كاهله في كلّ نائبة ويعود ليصطفّ من جديد ويبدع ويقدّم بكلّ طاقته لتبقى سورية بحضارتها منارة عالمية…