الثورة – هفاف ميهوب:
“ثعابين الأرشيف” موجودة بيننا، وتنهش واقعنا والحياة التي تشوّه فيها إنساننا.. هي السبب في شيطنة الأخلاق والقيم، ونجاسة العالم الذي بات محكوماً، بقباحة الأفكار والفوضى والعدم.
إنها الثعابين التي رأى الأديب والشاعر العراقي “أسعد الجبوري” بأنها أقذر وأخطر الأسلحة، التي أنتجتها آلة القتل الهمجية.. الآلة التي جعلت “الحرب ليست ميداناً للجرائم الكبرى وحسب، وإنما هي قطارٌ سككهُ الأجساد”..
رأى “الجبوري” ذلك، بعينِ المتفحّص الخبير، والروائي الرائي، لما أراه لأبطاله، بعد أن عاش آثاره، وفي حربٍ وجدها أشبه بـ “مرآةٍ تتزيّن أمامها الجثثُ والذئابُ”.
هذا ما وجده “الجبوري” من الحرب التي عاينها وعاش آثارها، وأشعره ما رآه على مرآتها، بأن روحه باتت “أشبه بمصعدٍ يزدحمُ بالبكاء”.
نعم، هذا ما وجده من الحرب التي كانت ولازالت: “تخرجُ ثعابين الأسلاف من جحور الأرشيف وكهوفه، لتأكلَ الرحمة، وتبصقُها مع فوارغ الرصاص”..
حتماً، هو الزمن المتوحّش في أسلحته، والقبيح في معركته. المعركة التي شعر الأديب والكاتب اليمني “مجدي صالح” بأن خطورتها الكبرى، تكمن في استخدامها “جميع أسلحة الكلام ذي الدمار الشامل”. الأسلحة التي أدّت برأيه، إلى “تبخّر علماء شتى العلوم، الإنسانية والثقافية والفنية”.
أدت هذه الأسلحة أيضاً، إلى إغراق المجتمعات بالبطالة والفقر والأوبئة والتخلف والجهل والعنف.. الأبشع من ذلك، العمالة والاقتتالات والأنانية التي رآها تتفاقم في الحرب، بل و “تسعى على حساب دمِّ الإنسان وحبات تراب الوطن، لخلقِ فرصٍ قبيحة وانتهازية”.
إنه ما نجم عنه برأيه، توسّع رقعة الهيمنة، ولاسيما في عالمٍ، أشار إلى ضرورة مواجهة سلاحه الذكي، باليقظة والوعي والرد الافتراضي..
هذا ما أشار إلى أهمية القيام به لطالما، الحرب قائمة بأدواتها وأساليبها النجسة، حرب الحاضر والمستقبل التي قال عن ساحاتها القادمة:
“حربُ المستقبل ساحاتها العقول.. الصراع المستقبلي لن يكون بالعضلات بل بالفكر، ومن يخلق فكرة يدمغ الخصم وهو المنتصر حتماً، فنحن مقبلون على تعميمِ الذكاء الاصطناعي، ونتحدث الآن عن المدن الذكية، وغداً سنتحدث عن المجتمع الذكي الذي يتأقلم بسهولة، بل ويتفاعل مع الذكاء الاصطناعي”.
السابق