الثورة : د. مازن سليم خضور:
تأخذ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على عاتقها حماية المواقع الأثرية كونها جزءاً من التراث العالمي، وهناك مواقع أثرية مدرجة على قائمة التراث العالمي، وهي تحظى بالأولوية فهل تعتبر الآثار السورية التي استهدفها كيان الاحتلال مستثناة من هذا القرار!.
الآثار السورية لم تستثن من الاعتداءات والسرقات طيلة فترة الحرب الدائرة في سورية منذ العام ٢٠١١ وإلى اليوم لم تسلم من اعتداء التنظيمات الإرهابية بمختلف أسمائها ومسمياتها وكنا في سلسلة “الحرب الأخرى” تحدثنا عن هذا الموضوع في أكثر من مقال بالإضافة إلى اعتداءات وسرقات الاحتلال التركي والأميركي وبكل تأكيد الكيان الإسرائيلي الذي لم يوفر لحظة في سرقة وتشويه التاريخ واستهداف الثقافة والهوية العربية منذ محاولة زرعه عنوة في هذه البقعة الجغرافية في محاولة منه لتبرير وجوده المزعوم.
حتى في الوقت الذي كانت فيه دمشق تلملم جراحها إثر الزلزال المدمر الذي ضرب عدداً من المحافظات السورية واعتبرت منكوبة قام كيان الاحتلال باستهداف عدد من المناطق الحيوية المدنية كالمطار الذي من خلاله تصل المساعدات من أنحاء العالم وكذلك استهداف المواقع الآثرية والتاريخية ومنها استهداف قلعة دمشق فيما استنكرت وزارة الثقافة هذا العدوان
الذي يمثل اعتداء على جزء من التراث الثقافي العالمي، وهو أمر محظور لكون الاتفاقيات الدولية تمنع استهداف المواقع الثقافية، وبناءً عليه يُعد هذا الاعتداء جريمة مُكتملة الأركان”.
وطالبت الوزارة، المجتمع الدولي بإدانة هذا العدوان الغاشم، ولجم سلطة المعتدي الذي يضرب القانون الدولي وبالمواثيق والمعاهدات الدولية بعرض الحائط، داعية المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المهتمة بالشأن الثقافي، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”
إلى إدانة هذا العدوان، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المعتدي.
العدوان جاء بعد زلزال لم يوفر الآثار حيث تعرّضت قلعة حلب لأضرار طفيفة ومتوسطة، منها سقوط أجزاء من الطاحونة، وحدوث تشقق وتصدع وسقوط أجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية.
كما سقطت أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، وتضررت مداخل القلعة، وسقطت أجزاء من الحجارة، ومنها مدخل البرج الدفاعي المملوكي، وتعرضت واجهة التكية العثمانية لأضرار وتضررت بعض القطع الأثرية المتحفية داخل خزائن العرض، كما ظهرت تصدعات وتشققات على واجهة المتحف الوطني في حلب.
وفي محافظة حماة، تأثرت مبان تاريخية في المحافظة، ما أدى إلى سقوط أجزاء من بعض الواجهات التاريخية لهذه المباني، كما شوهدت أجزاء متساقطة من الجدران الخارجية لقلعة شميميس.
وفي محافظة طرطوس تضررت بعض المباني داخل قلعة المرقب، كما أدّت الهزة إلى سقوط الجرف الصخري في محيط قلعة القدموس، وانهيار بعض المباني السكنية المتوضعة في حرم القلعة.
وبعد كارثة الزلزال قدم وفد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونيسكو، وهي الزيارة الأولى منذ الحرب، وتهدف إلى تقدير حجم ما أصاب المدينة القديمة من أضرار تمهيداً لوضع أولويات التدخل العاجل للأماكن المتضررة ودراسة تمويل بعض المشاريع التي تحتاج إلى تدخل إسعافي عاجل، مثل قلعة حلب التي طالتها الأضرار في العديد من أبنيتها للمساعدة في عمليات ترميمها لحمايتها من الاندثار وإطالة العمر العمراني لهذه المواقع في خطوة ولو متأخرة وكما يقول المثل: أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً!.