الملحق الثقافي – شعر صالح محمود سلمان:
وقرأتُ سِفْرَ الياسمينةِ في كتابِ الأَرضِ
أَنعشَني نَسيمٌ عابقُ الهَمَساتِ
في رِئــةِ الحَديقةِ
لـم أَكُن أَدري
بأنَّ الأَحرُفَ البَيضاءَ تَجعلُني أُحَلِّــقُ
هـــل تُراني عُــدتُ من وَجَعي
لأَسكُبَ هذه الكلماتِ في كأسي الأَخيـرةِ ؟!
هـــل تُراني
سوفَ أَجمَعُ ما تَناثَرَ من بَقايــا الأُنسِ
في هذا الصَّباحِ الراعشِ النظراتِ ، مثلي ،
نحـوَ ذاكَ الجُرحِ في بَـوحِ الصَّبيَّةِ
وهي تَبكي طفلَها المَسْمولَ في عَيْــن
البَصيرةِ ؟!
ما الذي يَجْـــري ؟!
سألتُ البحــرَ،
لم أَسمَعْ سوى المَوجاتِ
تَسْكُبُ في جِراحِ الصَّخْرِ صَرختَها
وتَـــذوي
هـل تُراني غُصْتُ في يَـــمِّ الحكايـةِ نازفَ الرئتَيْنِ
من وَقْعِ الريـاحِ الصُّفْــرِ
صاخبَـةِ الرِّمـالِ ؟!
لـم أَكتئِبْ من قبلُ مثلَ الآنَ
كانَ الحُلمُ يَفتحُ لي نوافذَهُ
فأُبصِرُ في المَـدى أُفُقـاً بهيّــاً
عامراً بالطِّيبِ
والسُّحُبِ الشَّذيّةِ
أَملأُ الصَّفحاتِ بالبَــوْحِ النَّــديِّ
أَشدُّ في اللَّيـلِ الرِّحـالَ إلى كواكبَ
أَجمعُ البَسماتِ من شُرُفاتها
وأَعـودُ أَضفرُ بالأَغاني ضِحكةَ اليَنبوعِ
أصطَبِحُ القرنفُلَ وهو يُومِئُ للقلوبِ الحائراتِ،
بأن تَعالي،
هاهي الخَفقاتُ
تَرمَحُ في الشِّعابِ .
لَكَأنَّها شِعرٌ يُمَوْسِقُهُ التَّجَلّي
في خُشوعٍ،
فـوق هامات الرَّوابي
مازالَ لي حُلُمٌ يُراودُني فأَسكبُ ما تَبَقّى
من عَصيرِ الــرُّوحِ
أَفتتِحُ القصيدةَ بالنِّداءِ – البَــوْحِ
ما جَــدْوى النِّـداءِ ؟!
يَقولُ لي صوتٌ تُحَشْرِجُهُ المَواجِعُ
قلتُ: أَبكي .. ثُـمَّ أَبكي
غيرَ أَنَّ الدَّمْعَ قـد يَجْري ليَسقيَ
زهــرةً في الــرُّوحِ
فالدَّمعُ استراحَ من المُلوحةِ
منذُ أن صارَت بلا خُبــزٍ مَوائدُهم
كأنَّ (الكيكَ) أَغواهم فأَلقَوا فيهِ
ميراثَ الأُخــوَّةِ
ثُـــمَّ غاصوا في الصَّخَبْ
صَـوتٌ يُبَـــدِّدُ ما تَراكَمَ
منـذُ دَهـــرٍ،
في المَحافلِ من خُطَــبْ
وَيَـــدٌ تُشيـرُ
فيَسجدُ الأُمراءُ والفُقَهـاءُ والرُّؤساءُ مُبتهجينَ
في أَدرانِ صاحبةِ الجَلالِ
قـد أَشتهي يومـاً رَغيفــاً ساخنــاً
فأَمُـدُّ كفّي نحــو هاتيكَ الجِبـالِ
الفَجْـرُ يَحضنُها بحُـبٍّ حين تَنهَضُ
من جَديــدٍ
يَكتبُ المِحراثُ في صَفحاتها
قَمحاً وأقماراً
نَشيداً فـــاغمَ النَّغمـاتِ
زيتوناً يُجَـدِّدُ في الشرايينِ النَّمـاءْ
هي مَنبعُ الأَنــوارِ
مُنطَلَقُ الجَمـالِ
ومَوْئِلُ الشُّعراءِ حينَ الهـمُّ يَغزوهُـمْ
ويُعْوِزُهــمْ لقــاءْ
العدد 1137 – 21/3/2023