الملحق الثقافي:
أربعون عاماً مرت على آخر معرض أقامه الفنان التشكيلي السوري مطيع علي الذي رحل عن عالمنا في تشرين الأول من العام 2022 قبل أن يجد طريقه إلى المحلية والعالمية، إلا أن المركز الوطني للفنون البصرية أصر على الاحتفاء بتجربته ولو بعد حين.
تناقضات محيرة فرضت نفسها على واقع علي الذي ولد عام 1951 ليقرر العودة طواعية إلى ربوع قريته «القنجرة» بريف اللاذقية المجاورة لأوغاريت ليقضي بقية حياته هناك، ولتكون هي والمرأة الملهم الأول والأخير.
مطيع علي قاده شغفه التشكيلي إلى محترفات قسم الحفر في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق مرتين، أولها في منتصف السبعينيات والأخرى في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ليكون الأول على المقبولين في كلا المرتين وأنهى رحلته الدراسية فيها قبل أن يتخرج منها لعدم تمكنه من النجاح بمقرر اللغة الفرنسية.
وأثمرت تجربة التشكيلي علي بما يزيد على 380 عملاً فنياً تشكيلياً ومجموعة كبيرة من الأعمال النحتية وخلق توليفة فطرية امتزجت فيها الطبيعة المحيطة به من أشجار وصخور وينابيع وحيوانات بالجسد الأنثوي أظهرها في معرضه الفردي الأول في المركز الثقافي العربي في السبعينيات إلا أنه فاجأ الجمهور بمعرضه الأخير في المركز الثقافي الروسي عام 1983 باستخدامات جديدة ومبتكرة وطريفة لنبات اليقطين، وجعل منها خامة تعبيرية جديدة وحكاية طويلة في تجربة تطلبت الصبر لتأخذ شكلها في الفراغ.
ويقول الدكتور محمود شاهين الذي كان أحد معلمي الفنان مطيع عن تجربته بتشكيل نبات اليقطين: إنها تستغرق نحو ستة أشهر من المراقبة والمتابعة أي من شهر أيار حيث موعد بزوغ اليقطينة وتشكّلها على أمها وحتى شهر تشرين الأول موعد جفافها ويباسها لتخرج من بين يديه على هيئة حيوان أسطوري، مشيراً إلى أنه استعمل مواد وخامات باتجاه الواقعية لم يعرفها فنان تشكيلي من قبله أبداً لكنه رحل قبل أن يعرفه أحد.
ولفت شاهين الذي حرص على جمع أعماله منذ أربعين عاماً إلى أنه سيقام معرض آخر لأعماله النحتية إضافة لأعمال الرسم التي لم تعرض.
ويقول الفنان التشكيلي غياث الأخرس: «من الطريف في أعمال مطيع علي أنه حين وضعنا لوحتين في إطار واحد تراهما كأنهما عمل واحد كدليل واضح على انتشار إبداعه في المساحة»، لافتاً إلى أنه اختار الأعمال منذ بداياته وفقاً لانسجامها مع بعضها.
وأضاف الأخرس: «أدهشتني التقنية والرمزية العميقة التي كون بها لوحاته فلم أرها لدى أي فنان تشكيلي آخر حتى من الخريجين»، موضحاً أن أسلوبه السريالي كون أسطورة فريدة وخاصة به طرحها بغنى وغزارة بأعماله.
العدد 1137 – 21/3/2023