لا أعتقد أن أحداً يخالفني الرأي إذا قلت أن السوري أينما ذهب وحط برحاله كان له نقطة مضيئة ولافتة، سواء على المستوى العلمي أو الثقافي أو الفني.. إلخ المدرس في ميدانه المعرفي والعامل والفلاح والفنان من نبض هؤلاء كان حبرنا ومدادنا، وبهؤلاء يمكننا أن نروي آلاف القصص عن الإبداع الذي نسجه وحاكه أبطال سوريون، وغير ذلك فلا لامعنى له .
هذه الأيام ونحن نحتفل في اليوم العالمي للمسرح، شاهدنا عروضاً مهمة تسعى إلى الحضور والتأكيد على أن ثقافة المسرح باقية، تابعنا مشاركات سورية في الداخل والخارج نعتز بها ونفخر لأن المسرح السوري خلال سنوات الحرب كان شعلة مضيئة وقد حقق الكثير من النشاطات المسرحية الجيدة، وحصد العديد من الجوائز, ورغم ذلك مازلنا نطمح إلى المزيد لأننا جديرون بإرث حضاري وثقافي وفني متميز.
من جهة أخرى ونحن نتابع مسلسلات شهر رمضان المبارك لهذا العام نشعر بأن ألق الدراما بدأ بالعودة بعد أن خف نوره وضاعت بوصلته في السنين الماضية وكأن لهذه الصناعة قد ذهبت نحو التجارة لا الإبداع، لكن هذا العام ثمة عمل يستوقفك، لتكتشف أن زملاء كثراً عملوا ليلاً ونهاراً، لينجزوا أعمالاً تحمل قدراً من الأهمية سواء على صعيد النص أو الأداء أو الإخراج وهذا مايجعلك تعود إلى التفاؤل والافتخار بالدراما الوطنية التي حققت رغم كل المصاعب أرقاماً قياسية بالحضور والمتابعة والمنافسة.
مانراه اليوم من إنجازات وطنية على كل المستويات ليس غريباً أو بعيداً عنا، وليس مرتبطاً بحدث أو مناسبة، فمنذ الأزل ونحن أبناء الحياة والبناء والتطوير، سورية امتداد الروح وخفقة الفؤاد، بنت الإنسان ثقافة وعلماً وعطاء، كانت وماتزال الملاذ الأول والأخير لكل المبدعين … فهي كما قال عنها الشاعر الجواهري ذات يوم :
وسرت قصدك لا كالمشتهي بلداً لكن كمن يتشهى وجه من عشقا .