وسط أجواء التفاؤل التي عكستها جهود المصالحة الصينية بين إيران والسعودية، والعودة التدريجية للعلاقات العربية -العربية ولا سيما بين سورية والعديد من الدول العربية المؤثرة كمصر والسعودية والامارات العربية المتحدة، يعيش الكيان الصهيوني الغريب عن هذه البيئة الإقليمية الطبيعية أسوأ أيامه وكوابيسه، فكلّ ما خطط له بواسطة “الربيع العربي” المشؤوم لشقّ الصف العربي وتعكير صفو العلاقات بين دول المنطقة ذهب أدراج الرياح، حيث انقلب السحر على الساحر وانتقلت الفوضى التي شجعها إلى شوارعه وساحاته، وانقسم مجتمعه غير المتجانس إلى فريقين متقاتلين على خلفية ما يسمى بالإصلاحات القضائية التي كشفت تناقضات بيئته الداخلية.
الاستياء المتصاعد داخل الكيان من تطوّرات المنطقة، يحاول مسؤولوه ترجمتها بالمزيد من العربدة والبلطجة والعدوان على الشعب الفلسطيني من جهة وعلى سورية التي تلملم جراحها وتبدأ رحلة التعافي من الحرب التي فرضت عليها من جهة أخرى، وهذا ما هيأ الشارع الصهيوني لعودة المتطرّف الإرهابي نتنياهو مجدداً إلى الساحة بحكومة أكثر يمينية وتطرفاً، حكومة تعبّر أصدق تعبير عن العقلية الصهيونية المأزومة وخشيتها من أجواء الاتفاق والحوار بين دول المنطقة.
ما جرى في الأشهر الأخيرة شكّل صدمة قوية للاستراتيجية الصهيونية بعيدة المدى والقائمة أساساً على دقّ الأسافين بين دول وشعوب المنطقة ومحاولة الهيمنة على القرار فيها، ولذلك سنرى المزيد من الهستيريا الصهيونية المعبّرة عن تداعيات هذه الصدمة، ولا يمكن استبعاد قيامه بشن حرب على إحدى الجبهات بهدف إعادة عقارب الساعة للوراء ومحاولة إعادة الوحدة إلى مجتمعه الممزق، الأمر الذي يستوجب حواراً أكثر جدية بين حكومات المنطقة للحيلولة دون نجاح المخطط الصهيوني، فالمنطقة بأمس الحاجة إلى الهدوء والسلام بعد أن عانت طويلاً من الإرهاب والعدوان والأزمات متعددة الأوجه السياسية والاقتصادية والأمنية..إلخ.
لا شك أن أمام دول المنطقة فرصة استثنائية لعزل الكيان الصهيوني وتحجيم دوره وتأثيره ومنعه من تمرير مشاريعه المناقضة لمصالح دول وشعوب المنطقة وهذه مسؤولية الجميع حكومات وقيادات وشعوب.