بوجع وحرقة وعجز تربوي شكت إليّ إحدى الأمهات معاناتها من إدمان ابنها للشاشة الزرقاء، وطول الساعات التي يقضيها مع واقعه الافتراضي وخصوصاّ خلال الموسم الرمضاني المزدحم بالمسلسلات الطويلة، المتصلة المنفصلة في آن واحد، إضافة لدردشات واتسية ومشاهدات فيسبوكية تقتل الوقت بالغفلة والحمق، بينما يجد المتأمل في هذا الشهر أن تنظيم الوقت هو من أهم الحكم والدروس المستفادة في هذا الشهر الفضيل، ومن ألوان استثمار نفحاته اللقاء العائلي لتعزيز أواصر المحبة والتفاهم، وكذلك اللقاء المعرفي الحواري الهادف من خلال متابعة أسرية لبرنامج ليس هدفه الضحك والترفيه، بل هو استراحة عقلية ممتعة ومفيدة نحصد فيها معلومات ونرتقي بفكرنا.
يجد بعض الآباء في منع أبنائهم الحضور الإلكتروني الذي يخفف وقع الوقت وربما ساعات الملل والوحدة حلاً لحمايتهم من تهكير فكرهم واستنزاف طاقاتهم، والحقيقة شتان بين المنع والاستفادة من إيجابيات هذا الفضاء الإلكتروني وتطبيقاته التي أصبحت هوية لأصحابها، ويكون ذلك من خلال امتلاك مهارة الوعي الإعلامي التي تمكن صاحبها من فهم الرسائل الإعلامية وحسن الانتقاء والتعامل معها واكتشاف ما تحمل من مضامين والمشاركة فيها أيضاً، وبذلك نحسن استخدام هذا الإنجاز الإلكتروني ونحوله لخدمتنا، وأما المنع وتجاهله فهو انتحار حضاري.