الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
عندما يمتزج التمرد بالحب مغمساً بقسوة الحياة، نكون في حضرة الشعر الراقي على منبر فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب بمشاركة الدكتور الشاعر محمود عزو الحسن، والشاعرة القاصة غادة اليوسف، بحضور عددٍ من رواد الاتحاد وأعضائه، ليقدموا أروع الكلام من الشعر الوجداني الموزون..
يبوح فيه الدكتور الشاعر محمود عزو الحسن بأنين روحه التي تصدعت من هول الزلزال الذي حلّ بسورية، فتكون مرثية تفطر القلب.
تنَفَّسَ الصبحُ فاستجمعتُ أنفاسي ورحتُ أضربُ أخماسي بأسداسي
وللبيوتِ بكاءٌ بتُّ أسمعهُ أبكى عيوني وأبكى أعينَ الناسِ
مَدَّ الخرابُ لها قبلَ الصباحِ يَداً ولمْ يُبالِۤ بأسوارٍ وحرّاسِ
ومعظمُ الناسِ من أجسادها خرجَتْ سكرى تسيرُ بلا وعيً وإحساسِ.
ولم نعهد شاعراً شرب من ماء حمص إلا نطق شعراً أذاب القلب، وهذا نطق به “الحسن بقصيدة بعنوان “يا حمص” تغزَّل بحمص وأحيائها:
يا حُمصُ يا بَلدَ السماحةِ ولندى لكِ منْ حماةَ تحيَّةٌ وسلامُ
أنا ما ضَممْتُ الحاءَ فيكِ تَجاوزا عبد الأله أجازها وعصامُ
أنَّى اتجَهتُ أرى جمالكِ ساطعاً حولي ووجْهكِ كالضُحى بَسّامُ..
وقد صاغ “الحسن ” من ْ حروفكَ بُردةً وثيابا، ليبدع حروفاً من نور وشوق:
صُغْ منْ حروفكَ بُردةً وثيابا وأسِنَّةً فتّاكةً وحِرابا
واعلنْ أمامَ الشِعرِ أنَّكَ تائبٌ فالشِعرُ كانَ ولمْ يزلْ توَّابا
واصبغْ بلونِ الليلِ شَعرَ مليحةٍ عَبَثَتْ بهِ ريحُ الفراقِ فَشَابا..
وكان لفراشة الأدب “غادة اليوسف مشاركة لافته بعدة قصائد وجدانية منها قصيدتها “مدن الهباء” من ديوانها “لي ضلالي” نلمس فيها حزن دفين:
مدنٌ..
تئنُّ منَ الصدى
والقحطُ بينَ عروقها يجري
مع الماء الزلالِ
مدنٌ تزاولُ وحْلَها
وتغوصُ في طينِ الرزايا..
وفي قصيدة أخرى تبثُّ فيها وجع قلبها وأنينها روحها بعنوان “مولاي”:
مولاي
إني قد تعبت من الحياة
وحدي
كعصفور تكسرّ جانحاه
تحت المطر
نجمي تحجّب في الظلام
ولا قمر..
واختتمت “غادة اليوسف” مشاركتها بشكوى مؤلمة تحدثت عن كأس مترع بالعذاب، تقول اليوسف:
إنها الكأس كم سقت من عذاب
أترعتها الجراح مرَّ الشراب
كم تراءى لي الظلام صباحاً
والمرارة ضمرة في الخوابي..