الثورة – سهيلة إسماعيل:
لم يترك الشعراء العرب منذ القدم وحتى يومنا هذا مناسبة إلا وعبروا عنها بأشعارهم. فكان الشعر لسان حالهم في جميع المناسبات ” حلوها ومرها ” ويمكن أن يُصنف هذا النوع من الشعر ضمن نوع الشعر الاجتماعي , ولعيد الفطر السعيد نصيب وافر لدى الشعراء , حيث كتبت الكثير من القصائد التي عكست المعاني النبيلة والقيِّمة للعيد , وإن اختلفت نظرة الشعراء للعيد وذلك كلٌ حسب ظروفه , فإن جميع ما كتب يعبر عن فرحة العيد ومعانيه الجميلة ودلالاته الروحية.
العيد بين دالية المتنبي ورائية البحتري
يردد الجميع أو يحفظون بيت الشعر القائل :
عيدٌ بأية حال عدْتَ يا عيدُ …بما مضى أم لأمرٍ فيك تجديدُ
وربما يردده من أتى العيد عليه وهو بعيد عن أهله وخلانه , مع أن موضوع أبيات القصيدة تتحدث عن حال الشاعر وخيبة أمله بعد مغادرته مدن حلب والشام ووصوله إلى مصر وخيبة أمله في تحقيق طموحه بتولي منصب رفيع في مصر, وعرفت القصيدة بـ” دالية المتنبي ” التي قالها في هجاء كافور الإخشيدي حاكم مصر , واعتبرت من أشهر قصائد الهجاء في الشعر العربي , وفي مقدمتها البيت الآنف الذكر , حيث يشكو الشاعر حاله مع قدوم العيد . ويضيف المتنبي :
أما الأحبةُ فالبيداء دونهم …. فليتَ دونك بيداً دونها بيدُ
ماذا لقيت من الدنيا وأعجَبُهُ….أني بما أنا شاكٍ منه محسودُ
بينما عبر البحتري عن تهنئته للخليفة العباسي ” المتوكل ” بصومه وإفطاره إذ يقول في قصيدة اشتهرت بـ” رائية البحتري, إذ قال:
بالبر صمت وأنت أفضل صائم……وبسنة الله الرضية تفطر
فانعم بعيد الفطر عيداً إنه….. يوم أغر من الزمان مشهر
كما تألم وعبر عن حزنه مع حلول العيد الشاعر المعتمدُ بن عباد الذي كان أميرا بين قومه في الأندلس بعد تخليه عن سلطانه وبلاده وما أصابه من شظف العيش والغربة بعد نفيه إلى أغمات المغربية , فنظم أبياتاً ملؤها الشكوى مقارناً بين حاضره الصعب والمهين وماضيه وما كان يتمتع فيه من كرامة وعزة وجاه قائلاً:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا….وكان عيدك باللّذات معمورا
وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ….فساءك العيد في أغمات مأسورا
فرح وخير وبركة
وهناك من الشعراء من رأى أن العيد مناسبة للفرح والتفاؤل بالقادم من الأيام , وأيام العي فيها الخير والبركة , فها هو محمد بن سعد المشعان يقول واصفا العيد :
والعيد أقبل مزهوا بطلعته….كأنه فارس في حلة رفلا
والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم….كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا
ويرى الشاعر مانع سعيد العتيبة في العيد مناسبة لتهنئة الحبيب الذي تكتمل فرحة العيد بوجوده فيقول في عدة أبيات من الشعر النبطي :
مبروك عيدك يا ضنا البيت
يعله ايعودك بالمسرات
في كل سنة أو كل حول لاقيت
وانته بأناسه أو في شراقات
يا بخت عيدك لي له الفيت.