من القاهرة هنا مقعد سورية في الجامعة العربية بعد ١٢عاماً ليكون القرار برفع التجميد خطوة كبرى لتصحيح الجلسات العربية المشتركة ورفع الآلام عن ظهر القضايا العربية التي تعبت كثيراً من ضغط التدخلات الخارجية في عمل المؤسسة العربية.
من القاهرة لم يفاجئنا القرار بل كان متوقعاً ونتاجاً لـ١٢عشر عاماً من الصمود السوري أثبت صحة وصوابية السياسة الدمشقية التي بقيت قلب العروبة النابض بقضايا الأمة العربية رغم كل محاولات استهدافها وحصارها وإضعافها فأسس انتصارها لعودة العمل العربي المشترك وإضاءة أنوار الجامعة العربية مجدداً على رؤية مختلفة يجلس فيها العرب على مقاعد بداية استقلال القرار العربي عن التدخلات الصهيوأميركية طالما أن هناك صوتاً سورياً يعزز أصوات الدول العربية المناهضة لأميركا وإسرائيل في الجامعة وطالما أن الاعتراف بالدور المحوري السوري المؤثر في المنطقة هو منطلق قرار استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات الجامعة العربية.
تتحجر عيني إسرائيل وواشنطن من قرار رفع تجميد عضوية سورية فهذا يعني في الترجمة العملية ليس عودة سورية إلى الجامعة العربية بل عودة المسار العربي المشترك الى سكّته الأصلية وسقوط مشاريع أميركا وسياستها في المنطقة كلها بل هو خطوة في المنطقة كلها نحو عالم متعدد الأقطاب وإعلان ممهد لسقوط القطبية الأحادية المهيمنة لأميركا.
هي جولة أخرى تخسرها إسرائيل وواشنطن في الشرق الأوسط وتحرك سياسي عربي مشترك يلاقي ماسبقه من تحركات تجسدت بالتقارب الصيني الخليجي والإيراني الخليجي والسوري العربي والإقليمي ما يعني بالمطلق أن المنطقة هنا تغير سياستها تجاه واشنطن وأن الأميركي بات محاصراً سياسياً في الشرق الأوسط وخياراته تتضاءل الى مستوى الشراكة الاقتصادية لا أكثر بعد عقود من الهيمنة وإشعال الحرائق والفتن بين العرب وبين دول المنطقة بأسرها.
اليوم يسمع بايدن لاءً عربية ثانيةً في وجه معارضته عودة سورية للجامعة العربية بعد لاء السعودية التي قالتها في وجهه عندما أتى صاغراً للتحكم في قرار أوبك لمحاصرة روسيا لتفقد واشنطن سلاح النفط في المنطقة وتتلقى صفعة سياسية مربكة بقرار رفع التجميد عن عضوية سورية.
مايعني أن اللاءات القادمة في المنطقة لأميركا وهيمنتها ستتكاثر وتتوالى من كل حدب وصوب عربي مع توجه الكثير من الدول العربية في الاعتدال بسياستها بين الغرب والشرق ومصادقتها على عالم متعدد الأقطاب.. فهذه الصحوة العربية هي تقويم جديد للمنطقة وفرصة للنهوض بها عبر الشراكة مع دول العالم كالصين وروسيا والقائم على احترام المصالح المشتركة وليس أكل الجزء الأكبر أو الكعكة كلها كما كانت سياسة أميركا.
اليوم يعلن من القاهرة رفع التجميد عن مقعد سورية في الجامعة العربية بعد سلسلة لقاءات سورية عربية أشارت فيها دمشق إلى ضرورة تعميق العلاقات العربية العربية كخطوة أولى لعودة العمل العربي المشترك فأكثر ما يعني دمشق هو تماسك الموقف العربي وقوة قراره أما الجلوس الى مقاعد الجامعة العربية يأتي ثماره عندما تكون الطاولة هناك عربية صرفه لايختبئ تحتها أميركي أو يتلطى إسرائيلي.