لعله آن الأوان لإعادة “هندسة” الروزنامة الزراعية في بلدنا وفق أولويات محددة.. استهلاكية محلية أولاً وتصديرية ثانياً، وطي صفحة الارتباك بين نقص مرة وكساد مرات.
ثمة لائحة زراعات ومحاصيل جديدة، بدأت تفرض نفسها بما تنطوي عليه من اعتبارات ربحية اقتصادية، على المستوى الضيق المتعلق بالفلاح ذاته وعلى المستوى الإستراتيجي العام، يجب أن نفرد لها على ماتستحقه من عناية واهتمام، وبالمقابل باتت محاصيل تقليدية غير مجدية اقتصادياً من المهم حصر زراعتها في نطاق ضيق لزوم الكفاية المحلية، بما أن حاجة المستهلك أولوية.
البندورة مثلاً التي نفاخر بتصديرها وهي منتج مطلوب في الأسواق الخارجية، ليست تلك الزراعة الاقتصادية المطلوب التوسع بها، بل من المهم أن نخطط زراعتها للكفاية المحلية، لأننا عندما نصدرها فإننا نصدر الماء، بما أن ٧٠ بالمائة منها ماءً، وبالتأكيد لسنا ذلك البلد الجاهز لتصدير المياه.
يمكن أن نحافظ على مصادر رزق مزارعي البندورة بإيجاد بدائل لهذه المادة، لاسيما وأن بعض المزارعين في الساحل أوجد خيارات بديلة أقل كلفة وأكثر رواجاً في الخارج وأسهل وأيسر لجهة التعاطي فنياً، وزراعة الورد وأزهار الزينة مثالاً يستحق الدراسة، ويمكن أن تسأل وزارة الزراعة الفلاحين في منطقة الخراب في بانياس عن تجربتهم وستجد أن لديهم ماهو جدير بالاستماع.
الساحل السوري ذو حيازات ومساحات صغيرة، تتطلب اختيار الأصناف بعناية فائقة للاستثمار الأمثل والمجدي الذي يحقق أفضل العائدات للفلاح، وهذه مسألة تقنية فنية لا يمكن أن يرتجلها الفلاح، رغم أن الأخير ارتجل ونجح وسبق دوائر السياسات والإرشاد الزراعي.
ربما نحتاج إلى ورشات عمل مناطقية تديرها وزارة الزراعة واتحاد الفلاحين واتحاد غرف الزراعة مع فرق خبراء من كليات الزراعة، لإعادة إنتاج خارطة زراعية جديدة في كل منطقة، لأن الأرض ثروة والزراعة مازالت القطاع الأهم والأساس في اقتصاد هذا البلد وأمنه الغذائي.
نهى علي