بطرفة عين أصبحت “دول الجوار” مضرب المثل الأهم والأقوى لبعض “عضوات” اتحاد غرف التجارة والصناعة وصولاً إلى باعة الجملة ونصف الجملة والمفرق “باعتبار أن ما حدا أحسن من حدا”، حتى باتوا جميعاً يحاجون بكل صغيرة دون الكبيرة في دول الجوار .. ، دون أن يتحفنا أحد من هؤلاء ما إذا كانت دول الجوار تلك ليس لديها أنظمة جمركية خاصة بها، أو تتجاهل عمليات تهريب المواد والسلع “منها وإليها”، أو تغض الطرف عن مراقبة حدودها وأسواقها، أو تسمح لأحد المس “مجرد المس” بمؤشر وارداتها، أو يهدد أمنها الاقتصادي، أو يضر بسمعة ومكانة منتجها الوطني الخاص، أو تعتمد مبدأ “صفر رسوم” لكل ما هو وارد إليها، أو تحظر على أجهزتها الجمركية إصدار أي تعميم أو بلاغ مهما كان مضمونه ” حتى ولو كان متصلاً بعمله بصلة لا تقبل التجزئة” أو هدفه أو دوافعه.
ما جرى مؤخراً مخجل بكل ما للكلمة من معنى، لا بل ويدعو للاستغراب من الطريقة والأسلوب “الكركوزي”الذي تعاطى فيها البعض مع التعميم الذي صدر مؤخراً عن المديرية العامة للجمارك والذي دعت فيه مديرياتها إلى مكافحة المواد المهربة “أينما وجدت”، وكأن هذه الجهة العامة مكلفة بموجب قانون إحداثها بالمسارح والرسم والموسيقا والفن والرياضة والآثار والمتاحف، وفجأة قررت “من دون سابق إنذار” التعدي على مهام وصلاحيات وواجبات واختصاص جهة أخرى، والقيام بدورها عنوة عن الجميع.
القصة وعلى الرغم من صغر حجمها ووقعها فهي لم تتحول إلى زوبعة كما كان يحب ويشتهي البعض من داخل كاري التجارة والصناعة، الذين صالوا وجالوا كثيراً في محاولة بائسة ويائسة منهم لنقل الجهاز الجمركي من موقع الهجوم على كل من يحاول المس “مجرد المس” بأمننا الاقتصادي ومؤشر واردات الخزينة العامة للدولة، وهدر المال العام، إلى موقع المدافع والمبرر لغايات ودوافع وأهداف التعميم وتوقيته.
المشكلة ليست في التعميم .. لأن التعميم ما هو إلا حجة واهية وشماعة للبعض الذين لا يرون أبعد من أنوفهم خلال كل محاولة يقومون بها للتسويق والترويج لمآربهم وتشبيكاتهم التهريبية وأطماعهم الربحية وغاياتهم الكارثية ليس على الاقتصاد الوطني فحسب وإنما على الصحة العامة والآداب العامة والأمن العام .. بغض النظر عن التاجر الوطني والصناعي الوطني والمستورد الوطني وعن الأضرار والخسائر التي ستلحق بهم وتصيبهم من شطط قلة قليلة من المعارضين والرافضين والمستهجنين والمستنكرين .. للتعميم .. قبل وأثناء وبعد صدوره، وفي كل ما له أي صلة كانت بمكافحة التهريب “أينما وجد”.