فاتن دعبول:
لاتزال أصداء كلمة السيد الرئيس بشار الأسد في مؤتمر القمة العربية في جدة تصدح في الآفاق، عربياً ودولياً، لما تضمنته من طروحات تجسد دور سورية الفاعل في الساحة العربية، وقد تركت الكلمة رغم إيجازها وتكثيفها أثراً كبيراً في الأوساط كافة، لأنها فنّدت الكثير من المواقف، وعللت الكثير من الأحداث التي جرت في السنوات الأخيرة، والتي أرخت بظلالها على الواقع في سورية، لكن ذلك لم يهزمها ولم يثنها عن مواقفها، بل زادتها الأزمات تشبثاً بهويتها وقيمهاالإنسانية.
فكيف قرأ الأدباء والكتّاب كلمة السيد الرئيس، وما أهم المحاور التي استوقفتهم؟
وفي قراءته لكلمة السيد الرئيس في اجتماع القمة العربية بين الدكتور إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب أنه من الصعب جداً، بل من شبه المستحيل أن تقرأ الكلمة بسطور قليلة، فالكلمة تميّزت بقراءة استراتيجية لأوضاع المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج، وبأوضاع الإقليم وبالوضع الدولي بكلّ تعقيداته وتداخلاته وتشابكاته، وهو يحتاج كما حلل وأوضح واستنتج السيد الرئيس ضرورة الذهاب إلى الأسباب والموجبات التي أدّت لهذا الواقع، أي أن المعالجة لا تنصب على ما وصل إليه العالم اليوم.
بل لابدّ من تفاهم وتنسيق وتضامن وعمل عربي- عربي وإقليمي عربي، ودولي عربي وإقليمي، وأن تكون الجامعة العربية رافعة للعرب بمواجهة التحديات، وبالتالي الذهاب إلى عالم متعدد الأقطاب، بعيداً عن الهيمنة والتسلط والنهب، ونهاية الاحتلال العسكري والسياسي والاقتصادي والفكري والثقافي، وكلّ أشكال التبعية ومخلفات الاستعمار واستغلال الأديان والأعراق لتدمير وتفتيت وتمزيق الشعوب.
وأضاف: ولعلّ الانتماء للعروبة والتمسك بالهوية وبالقيم الإنسانية، وأن تكون الشعوب في تواصل حضاري، وليس في صراع الحضارات كما أرادت أميركا وسواها، وأن كلّ المحاولات التي أرادت ومازالت تريد تذويب شخصية الأمة ورسالتها وهويتها وانتماءها للعروبة، لأن المنتمي لا يقع في أحضان الآخرين أياً كانوا ومن أي مكان جاؤوا، ولعل التجارب الماثلة أمامنا عربياً وإقليمياً ودولياً تقدّم لنا الأمثولة والحافز والضرورة، لأن نكون على تضامن حقيقي ورؤى وآفاق تستجيب لتطلعات وطموحات الأمة العربية من المحيط على الخليج، وهم أرادوا بما سموه الليبرالية الحديثة، تدمير المجتمعات وطمس الهويات والانتماء، وإخراج الجميع من تاريخهم وتراثهم وحضارتهم.
عمل عربي مشترك
وتابع د. زعرور القول بأن الرئيس الأسد أكد على أن الصراع في المنطقة هو صراع وجود، وليس صراع حدود، وأن قضية فلسطين كانت وستبقى الأساس في الصراع، وأن انحياز أميركا والغرب للباطل لم ولن يثنينا عن مواجهة الظلم والقهر والحصار والعقوبات المتوحشة والقضاء على الإرهاب بكافة أشكاله وألوانه تحت أي مسمى، وطرد المحتلين الصهاينة والأمريكان والأتراك, والعرب إذا أرادوا هم الأقدر عندما يشكلون تكتلاً بشرياً واقتصادياً وفكرياً وثقافياً مشفوعاً بتاريخ حضاري وإنساني ليصبح العرب الرقم الأصعب في معادلات الإقليم والوضع الدولي، وسورية هي قلب العروبة وروح الأمة، وهي منتمية وهويتها كانت واضحة على مدى قرون طويلة، وهي بيت لكل العرب.
وأوضح بالقول: إننا لا نغالي إذا قلنا :إن الحضور للسيد الرئيس والكلمة شكلتا الفيصل للقمة العربية في دورتها ال 32 وقد تكون الأمل لتحقيق العمل العربي المشترك بما يخدم الشعب العربي في أقطاره، ويحقق طموحاته بالمزيد من تحقيق الأمن القومي العربي والاقتصادي والغذائي والمائي، ويحافظ على شخصية ودور وهوية وانتماء الأمة، بعيداً عن التعصب والتطرف العرقي والديني وسواهما.
بعد نظر استراتيجي
وبيّن نذير جعفر رئيس فرع حلب لاتحاد الكتاب العرب في قراءته لكلمة السيد الرئيس في القمة العربية أن الرئيس بشار الأسد ركز في كلمته بافتتاح مؤتمر القمة العربية على مسألتين جوهريتين ولافتتين للنظر في أهميتهما، تلخصان التحولات السياسية على المستوى الدولي.
المسألة الأولى: الليبرالية الجديدة التي وصفها محقاً بالمتوحشة التي تسعى للهيمنة على العالم عبر إذابة الهويات والثقافات الوطنية وإلحاقها ببرامجها وسياساتها.
والمسألة الثانية: ولادة عالم متعدد الأقطاب في مواجهة القطبية الأحادية التي تسيّدتها أميركا سابقاً على أثر سقوط الاتحاد السوفييتي، ولذلك كانت إشارات السيد الرئيس إلى تمسك سورية بهويتها الوطنية وانتمائها العربي، رداً على محاولات تقسيمها وإلحاقها بالمشروع الأميركي من جهة، ودعوة إلى التمسك بوحدة الصف العربي ومواجهة الأخطار المحدقة عبر معالجة الأسباب التي تقف وراءها أمريكا والغرب، لا الأعراض الناجمة عنها، وهي دعوة تكشف عن بعد نظر استراتيجي، وتمسك بالمبادىء والثوابت الوطنية والقومية غير القابلة للتفريط بها مهما كانت التضحيات.
وأضاف جعفر: من هنا كان لكلمة الرئيس الأسد صداها العميق في نفس كلّ عربي متمسك بانتمائه وهويته في وجه أمركة العالم.
السابق