الثورة – غصون سليمان:
تأخذ الحرف اليدوية هويتها من البيئة التي يعيش فيها المرء، ففي المعارض وورش العمل تجذبك لوحات من التراث ويشدك الحنين إليها.. تجول بناظريك لتبحر في ترانيم الحرفة من تراث وإرث ثقافي ومعرفي أبدعه صناع مهرة من مختلف الأعمار وفي مراحل متعاقبة، ولأن التراث ذاكرة وحضارة وشاهد على تراكم ما أنجزه الإنسان السوري بنت حرفنا السورية إرثاً لا يستهان به على مر العصور.
ففي المعرض الأخير بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بدمشق ومن خلال جولتها على العديد من المعارض وتأملها لحماس الحرفيين والحرفيات وإعجاب الزائرين بالمعروضات.. تصف الدكتورة أمل محاسن الباحثة في التراث قسم التاريخ جامعة دمشق الحرف السورية بأنها عصب معرفي مجتمعي يتقد في كل الظروف، ولطالما تمثل بلادنا عمق الحضارة ومن أقدم دول العالم فإن صناعتها متراكمة ومتوارثة سواء كان ذلك في داخل تراب الأرض أو ما يبدعه حرفيوها، فكما لكل طبقة وحقبة من الأرض لها تاريخ وخصوصية معينة، كذلك الصناعات اليدوية لها بصمة وتاريخ واسم وهوية.
وذكرت محاسن أنها عاشقة للتراث ولا تفوت فرصة لرؤية المعارض التراثية المقامة في هذا المجال خاصة وأن الصناعات اليدوية تعكس روح الإنسان السوري وموهبته وشرفه وحبه للقطع واللوحات التي ينتجها من البيئة التي يعيش فيها، لذلك من الصعوبة بمكان أن نرى المنتج التراثي السوري يوجد في مكان آخر خارج الحدود ويعرض على أنه من تراث ذاك البلد وليس موطنه الأصلي.
وأضافت الباحثة محاسن في حديث للثورة أنها مع انتشار صناعاتنا الحرفية خارج الحدود شرط أن تكون موثقة وبأيد أمينة على عكس ما يسعى إليه بعض ضعاف النفوس من محاولات التلاعب بهذا الإرث و تهريبه بطرق مختلفة دون إدراك قيمته الحقيقية معرفياً وثقافياً ومجتمعياً، فما يحز بالنفس من وجهة نظرها أن هذه الصناعة سورية بالأصل والأساس ولكنها تعرض باسم البلد الذي وجدت فيه أو هربت له، كالحرير السوري والأغباني والقيشاني وغيرها، متسائلة بعبارة لماذا يصدر ويهرب تاريخنا بشكل غير حقيقي وغير موثق من بعض ضعاف النفوس؟ ليتباهى به الآخر على حساب نتاجنا وحضارتها.
ووصفت محاسن الأيدي الماهرة السورية بأنها تلف بالحرير، فهي مبدعة ورحيمة، وأن التراث لايقلد ولا يوجد ما يشبهه في أي مكان آخر، حيث لكل دولة خصوصيتها بعاداتها وتقاليدها، وبلادنا تختزن الكثير من التراث والآثار، ما يستدعي الحفاظ على بيئة الحرفيين ومنتجاتهم من خلال دعمهم وتمكينهم بما يناسب ظروف عملهم في مناطقهم المختلفة.