الثورة – حسين صقر:
ما أن يقترب موعد الامتحانات، حتى يعيش الأهل حالة من الخوف والتوتر، ويصبح القلق رفيقهم وجليسهم، وتنعدم لديهم ساعات الراحة، ولايقتصر ذلك على امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية، بل يتعدى ذلك للصفوف الانتقالية، كما لايقتصر على الأيام التي تسبق الامتحانات، بل قبل وأثناء وبعد.
ربما يكون ذلك أمراً طبيعياً، لكن المشكلة بالمبالغة في الخوف، فتلك مشكلة كبيرة تنعكس سلباً على الطرفين، لأن الطالب يبدأ بتحميل نفسه مسؤولية تتناسب مع حجم ذلك الخوف، والأهل تجرهم العاطفة إلى مواقع أخرى قد تسبب لهم توتراً نفسياً لا تحمد عقباه.
وبالتزامن مع فترة التحضير لامتحانات الشهادتين المذكورتين، يتضاعف القلق عند ذوي طلاب الثانوية العامة، لأنها مرحلة مفصلية ومفترق طرق لولوج المستقبل.
شعور بالتقصير
إحدى الأمهات تحدثت ل “الثورة” عن ابنتها التي سوف تخضع لامتحانات الإعدادية، وقالت إنها منذ المرحلة التي سبقت هذه الامتحانات وهي تعيش حالة قلق غير مسبوقة، بالرغم من أنها وفرت لها كل الإمكانات والظروف المادية والمعنوية من دروس خصوصية ومصاريف شخصية وغير ذلك، مضيفة أنها لم تستطع التخلص من القلق على ابنتها، وتشعر وكأنها لم تقدم لها شيئاً، وهو ما يشعرها بعقدة الذنب اتجاهها، وتضيف ليتني أستطيع تقديم أكثر من ذلك بكثير، لما توانيت أبداً.
بدوره ولي آخر لطالب ثالث ثانوي قال: لا أستطيع تخيل عدم حصول ولدي على مجموع ممتاز بعد كل هذه المتابعة، وفيما لو حصل ذلك، لا أقدر كيف تكون حالتي.
وأضاف منذ نجاحه من الصف الثاني الثانوي، وأنا في حالة من الخوف على نتيجته في الثانوية، أي أن القلق يرافقني منذ زمن طويل، بل أنني أنا الذي أخوض غمار هذا الامتحان.
للراحة والمتابعة
من ناحيتها قالت والدة أحد طلاب شهادة الثانوية الفرع العلمي: أشعر أن قلبي قد يتوقف عندما يخيل لي نتيجة تعاكس التوقعات، وبدأت أضع برنامجاً ليقظته ونومه وطعامه وأوقات راحته.
وأضافت لا أستطيع وصف شعوري في هذه اللحظة التي أتحدث بها معك عن وضعي النفسي، ولهذا بت من هذا اليوم أخاف الساعة التي سوف تعلن بها النتائج.
خوف حقيقي
وعبر بعض الأهالي بالقول: تُحدث كلمة امتحان بالنسبة للكثيرمن الأشخاص رهاباً حقيقياً لدى بعض الطلبة والأسر، حتى أن هذا الخوف قد يمتد فيسيطر على نومهم، فيرى كثير منهم في نومه أنه تأخر على موعد الامتحان، وكذلك قد يصاب بعضهم بالأرق وفقدان الشهية وتسلط بعض الهواجس المُلحة، وغير ذلك من مظاهر القلق والخوف، ويتخذ الكثير من الأهل إجراءات كثيرة أثناء هذه الفترة.
وقال أحدهم: تتوقف لدينا الزيارات العائلية والمشاركات الاجتماعية، مع وقف جهاز التلفاز من الخدمة، وإغلاق الكمبيوتر، واختصار المكالمات الهاتفية إلى أقصى درجة ممكنة، وربما منع الحديث بين أفراد الأسرة في غير وقت الطعام إلا للضرورة القصوى.
سلبية التوتر
وفي هذا السياق قالت الاختصاصية النفسية سونيا عبد الرحمن: إن القلق بشكله العادي والطبيعي يعد أمراً إيجابياً للفرد فهو بمثابة الدافع الذي يحرضه لإعداد نفسه للامتحان، ولكن حين يزيد هذا القلق عن حده تظهر آثاره السلبية على الفرد، ما يؤثر على ثقته بنفسه، ويؤثر بشكل سلبي على تحصيله الدراسي فيتدنى وينخفض، وللتغلب على قلق الامتحان لابد من التوقف عن التفكير السلبي بالأمور، وتجنب المخاوف التي تتسبب بالقلق كالخوف من صعوبة الامتحان، أو الخوف من عدم المقدرة على استيعاب الدروس أو الخوف من النسيان، ومن ثم يأتي الدور المضاد للسلبية، وهو التفكير الإيجابي والثقة بالنفس من خلال إعطاء النفس الدفعة المناسبة من التفاؤل.
وعن أفضل الطرق للاستذكار، فتقول: لابد أن يبدأ الطالب بالمذاكرة بنشاط دون تعب أو ملل ويجب أن يقنع نفسه بأن ما يقرأه عبارة عن قراءة استمتاعية تضيف له الفائدة والمعلومات، وليست مجرد واجب، كما يجب وضع جدول مكتوب للمراجعة وتنظيم الوقت، حيث إن الجدول المكتوب يعطي النفس استعداداً نفسياً وعقلياً للمذاكرة والاستيعاب.
وأشارت عبد الرحمن تتراوح درجات القلق بين القلق العادي الطبيعي المرتبط بظروف يومية، وبين القلق المرضي الذي تكون عواقبه سيئة، ومع اقتراب الامتحانات العامة تنتشر العديد من حالات القلق التي تؤثر على الطالب وتضيّع في بعض الأحيان تعبه ودراسته.
والقلق بالنتيجة عملية انفعالية لها جانب شعوري، دون أن يكون لها مسبب في الظاهر، منوهة أنه لتجنب الوصول إلى حالة القلق الشديد، يجب أن يكون أداء الطالب مرتفعاً أثناء دراسته للمادة في الأيام السابقة للامتحان، وتجنب طغيان الأفكار السلبية بالفشل وعدم النجاح، إلى جانب سرعة الاستثارة والغضب، وقلة التركيز، لأن أعراضاً جسدية وعضوية سوف تترافق مع ذلك القلق سواء للطالب أو الأهل وتتلخص بـ “تسارع في نبضات القلب، وجفاف الحلق وسرعة التنفس وزيادة التعرق وارتعاش الأطراف وبرودتها، وغير ذلك.
نصائح للأهل
أما عن كيفية التغلب على قلق الامتحان، قالت المرشدة: تبدأ محاولة تجنب القلق، من فترة الانقطاع، وهذه نصائح للأهل، حيث يساعد الغذاء الصحي المتوازن و تحفيز أبنائهم على ممارسة الرياضة إلى جانب اتباع طرق جيدة في الدراسة، وزيادة التفكير الإيجابي والثقة بالنفس في تجاوز درجة كبيرة من القلق.
وأشارت المرشدة بالنسبة للطلاب إلى أن أهم طرق الدراسة الجيدة تبدأ بتصفح الكتاب ككل، العناوين الرئيسية والفرعية، والرسومات التوضيحية والخرائط، ثم الانتقال إلى القراءة لفهم الأفكار عامة كل جزء على حدة، والانتباه إلى أهمية النطق بصوت مسموع لما نقرأ، لترسيخ المعلومات في الذاكرة.
وتابعت على الطالب مراجعة كل فصل ينتهي من قراءته، واختبار النفس شفهياً وكتابياً، والربط بين مواضيع المادة في شكل خريطة دراسية، تضمن تجمّع المعلومات مما يساعد على تخفيف ضغط الاستذكار قبل الامتحان.
ونصحت الأهل بأن لا يبالغوا في الخوف لأن ذلك سوف ينعكس على صحتهم، ولاسيما إذا أرضوا ذاتهم في تقديم ما يتوجب عليهم نحو أبنائهم.