فاتن دعبول
تتسع القراءات والتطلعات في كلمة السيد الرئيس، لتضع في كل كلمة هدفاً جديداً ورؤية منهجية وأسساً لمرحلة قادمة ترتسم بتوقيت مؤتمر جدة، مؤتمر القمة العربية، وتناولها الكتّاب والمفكرون بعين الرضا والتفاؤل أولاً وبالبحث والدراسة ثانياً.
العودة إلى الهوية القومية الجامعة
يقول الأديب الأرقم الزعبي: رغم ضيق الوقت وضرورة التكثيف، تحدث السيد الرئيس عن مصطلحات باتت تشكل نقطة ارتكاز في التأسيس للمواقف، ولاسيما موضوع الهوية والانتماء، كل مجتمع أو جماعة بشرية بحاجة للتعريف عن ذاتها، أما المجتمعات الأخرى فهذا التعريف هو باختصار يعبر عن الهوية، أي» أوسع مشترك بين أفراد المجتمع أو الأمة الواحدة».
من هنا ننظر بأهمية طرح موضوع الهوية والانتماء وبراعة اختيار المكان والزمان، وما جرى على الساحة العربية من لغة المصالح والتبعية هو خروج عن الانتماء للهوية الواحدة، ونتمنى أن نستفيد جميعاً من التجارب المؤسفة التي عاشها العرب، ونعود إلى روح الهوية القومية الجامعة.
والتبعية التي ذكرت هي نتيجة من نتائج الليبرالية الجديدة بأشكالها المتنوعة، ولاسيما السياسية والاقتصادية، اجتياح سياسي واقتصادي وسيادي لإرادة دولة من قبل دولة او دول أخرى، واليوم هناك محاولة تغوّل وطغيان في توسيع دائرة المتضررين من الليبرالية الجديدة على حساب المستفيدين منها» الغرب وأميركا».
إثارة موضوع الهوية والليبرالية الجديدة من قبل السيد الرئيس، يعني مهارة استخدام فعل الضرورة، لأننا بحاجة للتمسك بالهوية ومحاربة الليبرالية الجديدة.
الخروج من عباءة الولاءات الخارجية
ويرى الأديب محمد حسن العلي أن تأكيد السيد الرئيس بشار الأسد على الانتماء، لأن الانتماء حالة منطقية، والعروبة انتماء تفرضه مسوغات عقلية موضوعية، والانتماء إرادة وإيمان والأمل بقادم أفضل والخروج من عباءة الولاءات الخارجية إلى إبراز الهوية العربية الأصيلة الموحدة المعالم والأهداف لمصلحة العرب كل العرب.
والعروبة ليست عواطف ومجاملات ومصافحات آنية، بل هي ثوابت فكرية تنطلق من محاكمات عقلية تحاكي منطق التاريخ والجغرافيا، العروبة هي الثابت وما عداها متحول، ولا وجود لنا دون عروبتنا، والأمم المتقدمة استعادت قوتها عندما أدركت جوهر قوميتها، وأن قوتها بوحدتها.
وأكد بدوره أن حضور سورية للقمة، وضع النقاط على الحروف، وأعطى القمة معناها القيمي والعربي، كما أن الليبرالية الجديدة هي استعمار جديد، وطمس للهويات القومية الأصيلة وعولمة الليبرالية هي لخدمة المصالح الغربية، ولدحض حق الشعوب في تقرير مصيرها، لأن تشويه الهوية الثقافية يرمي بالأجيال إلى هوة سحيقة تخدم مصالح الغرب ولا تعبأ بمصالح الشعوب.
التمسك بالعروبة والمصير المشترك
وبأسلوبها الشائق عبرت الأديبة فلك حصرية عن قراءتها لكلمة السيد الرئيس بشار الأسد بالقول: كما الشمس في يوم غائم طلع شلال شعاع لا يعرف الانكسار، وأمل لا يقبل الضعف والوهن، وإرادة لا تفتر ولا تلين أو تهادن، لم تكن بحاجة أبداً لأن تبحث عن أبجدية الوجود والتجذر العربي سعياً لمعرفة الطريق الوحيدة لإيجاد الحلول لواقع عربي مارد تسوده الضبابية اللاهثة وراء التفرقة والعداوة والتناحر.
في خطواته الواثقة التي لا تعرف الخنوع والخضوع ولا المحاباة والتردد أو التلون، فموقفه الشامخ يتكشف عن رجولة وميثاق فروسية وعلامات العز محفوفة بثقة وإيمان يزخر بتاريخ يكلل هامات المجد والبطولة ويعلي من شأن وطن تحدى وانتصر وحارب وتجذر سنديان عنفوانه في عمق الوجود.
لم تكن أبداً بحاجة لأن تفتش عن صيغ التحدي لواقع عربي مأزوم، سعياً لإخراجه من محيطه المريض، ففي إيمانه وعبر إرادته وتصميمه، إرادة لا تقهر وتجذر تحدى النسور وعنفوان الصقور وجسارة وشكيمة المردة، وفكر وحصافة وحكمة المفكرين، إنه بحق عنوان الإيمان بقدرات ومقدرات الأمة العربية والعارف بقدرة الشرفاء والمخلصين على الوقوف ومحاربة الرياح الخارجية عبر إعادة ترتيب شؤون البيت العربي والإيمان بأنه ثمة أخطار كثيرة ليست بمحدقة إطلاقاً وإنما محققة، ولابد من مواجهتها والتصدي لردها انطلاقاً من التمسك بالعروبة والمصير العربي المشترك.
وفي سورية العروبة والعربية خير مثال على تمسكها بمحيطها العربي والعروبة وحرصها المستمر على خوض تحديات الوجود والمصير واللحاق بركب التطور والبناء والعلم ومحاربة التفرقة والتشتت والتقسيم والتجزئة والاستغلال
