يكفينا أن نتمعن ملياً بما قاله وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كسنجر، بأنه إذا انتصرت روسيا، فإن المفهوم الكامل لوجود الناتو سيتحول إلى غبار، لندرك جيداً ماهية الحرب الغربية التي تشن على موسكو، وعلى جميع الصعد، وبمختلف الأساليب.
المؤكد أن كل هذا التصعيد، والتوتر، والضخ التسليحي على الخط الساخن الأوكراني، وإن كان بإيعاز أميركي، إلا أنه ما هو إلا ترجمة فعلية لحالة اليقين الكامل التي تعتري الجسد الغربي، بأنه خاسر لا محال أمام موسكو بأنه مهما جند متزعمو القارة العجوز من إرهابيين، واستثمروا بأوراق الارتزاق المأجور، فإنهم لن يفلحوا على الإطلاق، ومشاريعهم الفوضوية لن تبصر النور.
أما كل ما نسمعه على المنابر الدولية من ضوضاء أميركية سياسية، وصخب أوروبي دبلوماسي ذي طابع هستيري، فلا يعدو عن كونه نوعاً من العنتريات الزائفة، أو الكبرياء المصطنع المطعم بنكهة التزييف الأميركية.
مانقوله ليس مجرد تكهنات، وإنما هي حقائق، ولعل صحيفة التايمز أصابت كبد الحقيقة عندما قالت إن عمليات التخريب الصاخبة التي جرت في روسيا، كانت من تدبير مديرية الاستخبارات العامة التابعة لوزارة الحرب الأوكرانية، برئاسة اللواء كيريل بودانوف، والهدف طبعاً وكذلك العقل المدبر معروف من هو وماهي مراميه ومقاصده.
الغرب المتأمرك سيدفع ثمن سياساته عاجلاً أم آجلاً، هي الحقيقة المرة التي يخشى الأوروبيون أن يواجهوا أنفسهم بها، فالثابت لنا جميعاً أن أميركا ومعها أدواتها المنقادة، مهزومة حتى وإن طرقت أبواب كل التعويذات التخريبية، وجربت كل الوصفات الإرهابية والدعايات التلفيقية.