الثورة – رفاه الدروبي:
مازال شيخ التراث الفلسطيني محمد علي فارس والملقب أبو علي جابر يحتفظ بأوراق الملكية، ويحمل مفاتيح بيتٍ ورثه عن جدِّه وأبيه ولديه حصر إرثه يمتد إلى قرنين. ينتمي إلى بلدة الناعمة قضاء صفد في منطقة الجليل الأعلى الواقعة في سهل الحولة شمال فلسطين المحتلة جنوب لبنان، وتعتبرأرضاً وفيرة المياه. إنَّه صاحب دار أطلق عليها البيت الوطني لإحياء التراث الفلسطيني في مخيم جرمانا.
شيخ التراث الفلسطيني استهلَّ حديثه عن جمع تراث الآباء والأجداد واعتبرها رسالة ينقلها من قلب جريح إلى الأجيال القادمة للتمسُّك بهويتهم رغم أنَّ الأدوات الموجودة لديه صمَّاء، لكن كلّ قطعة تحكي قصة وكأنَّها روحٌ من لحم ودم تركها الآباء والأجداد تقصُّ حكاية شعب عمل وحرث أرضاً ضاعت بين طرفة عين لتستولي عليها يد الغريب الطامع والآثم.
محمد علي فارس قال: إنَّه احتفظ ببعض الأدوات التراثية اصطحبها والداه معهما أثناء نزوحهما عن أرضهم ووطنهم منتصف القرن الماضي عام ١٩٤٨، رغماً عنهما في تغريبة طال البعاد عن الوطن واحتفظ بها لتكون ذكرى لموروث مادي وتراث وطني باقٍ، لافتاً بأنَّ فكرة طرقت مخيلته عندما بثَّ «العدو الصهيوني» أفكاره عن فلسطين بأنَّها أرض بلا شعب ولجؤوا إلى سرقة وتزييف وتزوير تراث بلده متَّخذين حجة بأنَّه تراثهم فالأمم تقاس بتراثها وحضارتها.
أبو علي جابر أشار بأنَّ الفكرة انتقلت لديه من حبِّ الأهل ورائحة الأرض والوطن إلى حيِّز البحث عن المقتنيات المادية واللامادية لكلِّ شيء يمتُّ إلى تراث بلاده فجاب الأسواق بحثاً عنها وراح يجمعها من نفقته الخاصة، مُنوِّهاً أنَّه اقتنى المجلات والصحف الفلسطينية والعربية السورية، إضافة إلى أوراق نقدية وفضية من فئة الجنيه الفلسطيني كانت متداولة في بلاده وكُتب نادرة تاريخية وجغرافية وقانونية.
صاحب البيت الوطني لإحياء التراث الفلسطيني بيَّن أنَّه خصَّص في داره المتواضعة غرفة كبيرة قسَّمها إلى زوايا بعضها للموسيقا فتربَّع العود والبزق والربابة في الصدارة وإلى جانبهم آلة التصويرالعادية والعارضة السينمائية والمذياع القديم والحاكي، بينما علقت في زاوية مقابلة لها الملابس الفلسطينية بغرزاتها وتطريزاتها ونقوشها الفريدة والبديعة، كما ضمَّ المتحف الصغير أدوات المطبخ من أوانٍ نحاسيَّة تعود إلى بدايات القرن الماضي كالقدور وأدوات المضافات وما تحتويه من منقل الفحم للقهوة ومصبَّاتها.
وأضاف أنه لم ينس الأشياء المعنوية من أدوات التسلية كانوا يلعبون بها كالبرسيس للنسوة والمنقلة الخشبية بأحجارها للرجال حيث يقضون سهرات الشتاء الطويلة وليالي الصيف المقمرة باللعب بها في الريف، فيما كان الرجال يتوجَّهون إلى المقاهي في المدينة.
ثم أردف بأنَّ لديه مبخرة الأعراس وقطع يدوية من أطباق القش أتقنت النسوة صناعتها، وتعتبر فلسطين – حسب أقواله- بأنَّها أوَّل دولة عربيَّة أسَّست فرق الكشافة، وكانوا يستخدمون الصنجات في العديد من المناسبات لفئات المجتمع كافة.