لم تأت العبارة التي أطلقها الباحث الفرنسي وعالم الآثار شارل فيرلو” أن لكلّ إنسان في العالم وطنان، وطنه الأم وسورية، لأن سورية أم الحضارات” من فراغ، بل أطلقها بعد أن اطلع على حضارة سورية وغناها بتراثها وإرثها العريق، وما قدّمته للعالم من إسهامات حضارية وإنسانية، وما يختزنه تاريخها من علم وفن وبطولات وإنجازات توزعت في أرجاء المعمورة، ولاتزال الشعوب تعدها مرجعية لها في غير مجال علمي.
وأعترف أن ما أثار غيرتي لأكتب اليوم عن أمجاد بلادنا التي ربما أصبحت بديهية للكثير من الناس، هو احتفاء سفارة الهند بالأمس ومن خلال معرض أقامته في أحد المراكز الثقافية، قدمت فيه الكثير من معالم بلادها وما تتمتع به من بناء وحضارة وفلسفة وفكر، بالإضافة إلى الكثير من المعابد والمعتقدات والشخصيات الفكرية التي تركت بصمتها في عالم الفكر والثقافة والعلوم.
وشعرت كم نحن مقصرون في تقديم أنفسنا إلى العالم، وكم حري بنا أن نعيد تفعيل حضورنا في العالم لإقامة الفعاليات الثقافية والحفلات الموسيقية والمعارض والندوات، لتقديم حضارتنا بما يليق بها وبتاريخها الذي تجاوز في عمره آلاف السنين.
ولا ضير أن ننشىء مراكز ثقافية أسوة بالكثير من الدول التي تسعى إلى تقديم منجزها الحضاري في المراكز الثقافية في الدول التي تستضيفها، لأن السوريين يحقّ لهم أن يعتزوا ويفخروا بأمتهم السورية التي كانت على مر الأزمنة والعصور، تعطي العالم من فكرها وعلمها وأبجديتها وقيمها دون حساب.
وليس فقط التاريخ هو الذي يحمل عظمة الإنسان السوري، ففي كلّ يوم تشهد المنابر العربية والدولية تفوقاً جديداً للإنسان السوري، إن كان على صعيد السينما والفنون، أو على صعيد العلم والاختراع، وتزدهر أسماء الكتّاب لتصبح منارات في عالم الفكر والإبداع.
وإن شاءت الظروف أن ينتشر الإنسان السوري في أصقاع الأرض، فقد استطاع أن يكون رسول سلام ومحبة، ينبت في كلّ يوم أملا جديدا، ويخلّد بصمة تشهد على عراقته وثقافته وعن حضارة عريقة ينتمي إليها.
سورية أرض الحضارات والفكر والثقافة، فخورون بسورية المنتصرة دائماً.