الفساد الذي يطالب بمكافحته الكثير من أبناء المجتمع لايقتصر على اختلاس وسرقة المال العام، إنما يشمل أيضاً هدر الزمن سيما وأن هذا الهدر يؤدي إلى هدر المال العام وتترتب عليه نتائج خطرة على الوطن والمواطن في مجالات اجتماعية وخدمية وتنموية مختلفة.
رغم ما تقدم وغيره نجد أن الكثيرين يهدرون الزمن بطريقة مرعبة بشكل مقصود أو غير مقصود، ما أدى ويؤدي لهدر في المال العام، وللتأخير الكبير في تقديم الخدمة العامة للمواطنين من خلال التأخير في إنجاز المشاريع والمرافق العامة في قطاعاتنا المختلفة.
وهدر الزمن يبدأ من الدراسات غير الدقيقة لكل مشاريعنا العامة، ويستمر مع وجود خلل في عقود الأشغال وملاحقها، وفي غياب أو ضعف الإشراف على التنفيذ ومن ثم حصول سوء كبير في التنفيذ، ولا ينتهي مع التأخير الكبير في التنفيذ الذي قد يمتد لأكثر من عشرة أضعاف المدة العقدية، ومن ثم في ارتفاع هائل بالأسعار والتكاليف التي تتحملها الخزينة العامة وليس أي جهة أخرى من الجهات التي ساهمت في كل مراحل الخلل التي أشرنا اليها.
ما ذكرناه ينطبق على الكثير من المشاريع الخدمية والتنموية والصحية والسياحية في محافظة طرطوس، حيث سجلت تلك المشاريع أرقاماً قياسية في الخلل والتأخير وهدر الزمن والمال العام ليس بسبب الأزمة فقط كما يعتقد البعض، إنما لأسباب أخرى غير موضوعية بمعظمها، خاصة إذا عرفنا أن المباشرة بالكثير منها بدأ قبل الأزمة بسنوات عديدة تفوق المدة العقدية المحددة لكل منها بضعف أوأضعاف!
من الأمثلة المؤلمة مشروع مشفى سبة الوطني في ريف صافيتا الذي استلمت مبناه وزارة الصحة منذ سنة 2008 على أمل تجهيزه ووضعه بالخدمة منذ ذلك الحين ثم دخل مراحل التعديل وإعادة التأهيل والوعود الجديدة بالاستكمال والتجهيز والوضع بالخدمة دون أن يتم ذلك لتاريخه لأسباب غير مبررة بمعظمها، ومشروع المحطة الرئيسيّة للصرف الصحي في مدينة طرطوس الذي تم وضع حجر الأساس له عام 2008 على أمل إنجازه خلال خمس سنوات لكن ها قد مضى خمسة عشر عاماً دون أن ينفذ من المشروع شيئاً يذكر.
والأمر ينطبق على مشاريع محطات المعالجة والمناطق الصناعية والجامعة، إضافة لعدة مشاريع سياحية تابعة للقطاعين العام والمشترك والخاص حيث بوشر بها منذ ما يزيد عن اثني عشرعاماً وما زالت نسب تنفيذها متدنية جداً..الخ ويبدو أن مشروع (المارينا)السياحي الضخم على كورنيش طرطوس البحري سينضم إليها حيث ما زال على الورق رغم مضي عدة سنوات على التعاقد عليه وإعطاء أمر المباشرة لمستثمره
والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء هذا الواقع..إلى متى سيبقى هذا الهدر في الزمن ومن ثم في المال العام قائماً؟