الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة دولة للصين من الثلاثاء إلى الجمعة القادم، وكصديق قديم وحميم للشعب الصيني، هذه هي الزيارة الخامسة للرئيس عباس للصين، وهو أيضاً أول رئيس دولة عربي تستضيفه الصين هذا العام.
من المعتقد على نطاق واسع أن العلاقات الودية بين الصين وفلسطين ستصل إلى مستوى جديد، وإضافة إلى التعاون الثنائي، من المتوقع أن تكون القضية الفلسطينية أحد الموضوعات التي يناقشها رئيسا الدولتين، حيث أنه وعلى خلفية موجة المصالحة في الشرق الأوسط، هناك ترقب كبير لما إذا كانت هذه الزيارة ستجلب المزيد من الأمل في السلام في المنطقة.
بحسب الجانب الفلسطيني، ستتركز زيارة عباس على “مبادرة السلام العربية”، ومن المتوقع أن تواصل الصين لعب دور أكبر في القضية الفلسطينية، ومن المعروف أن الصين تدعو بلا كلل إلى تحقيق حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، فقد طرحت الصين مقترحاتها وأعربت عن ترحيبها بالمفاوضين من كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لإجراء محادثات مباشرة في الصين.
إن القضية الفلسطينية هي لب قضية الشرق الأوسط، وهي تتعلق بسلام واستقرار المنطقة وبالإنصاف والعدالة الدوليين، ومن الحرب العالمية الثانية إلى الحرب الباردة، ومن ثم إلى القرن الحادي والعشرين، شهد الشرق الأوسط حروباً متعددة وصراعات لا حصر لها فكانت الخسائر في الأرواح والأزمات الإنسانية مروعة.
من المثير للقلق أن عملية السلام بين فلسطين و”إسرائيل” ظلت راكدة منذ توقف محادثات السلام في عام 2014، ونحن جميعاً نعلم أن واشنطن تتحدث غالباً عن العدالة وحقوق الإنسان وتحب الوقوف على أسس أخلاقية عالية لتوجيه الاتهام للآخرين، لكنها مذنبة بشدة في القضية الفلسطينية.
كقوة عظمى، لعبت الولايات المتحدة دوراً سلبياً للغاية في القضية الفلسطينية، فلم يقتصر الأمر على منع مجلس الأمن الدولي مراراً وتكراراً من التحدث علناً بشأن هذه القضية، ولكنه أيضاً فضل بشدة جانباً واحداً، ما أدى إلى تفاقم الصراع، حتى أن خطة السلام في الشرق الأوسط التي تم اقتراحها خلال ولاية ترامب اعتبرت “علامة عار” وليست اتفاقية.
أظهر استطلاع حديث للرأي أن 80 في المئة من الفلسطينيين يرحبون بالعرض الصيني للوساطة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في حين يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها الخيار الأقل تفضيلاً ، ما يدل على أن الجمهور يناصر العدالة.
كما لاحظنا أن بعض وسائل الإعلام الأمريكية، بينما لم تُبدِ اهتماماً يذكر بالقضية الفلسطينية، نظرت إلى زيارة عباس للصين من منظور “المنافسة الأمريكية الصينية”، مدعية أن الرحلة تشير إلى “طموحات دبلوماسية أوسع للصين” في الشرق الأوسط لتصويرها على أنها جزء من “المواجهة بين الولايات المتحدة والصين”. هذه الحجة ليست ضيقة الأفق وقصيرة النظر فحسب ، بل تُظهر أيضاً أنه في نظر النخب الأمريكية، فإن هذا الحدث الكبير المتعلق بالسلام والاستقرار والإنصاف والعدالة هو مجرد أداة للمنافسة. إذا شعرت بعض النخب الأمريكية بأنهم “عاجزون” في الشرق الأوسط اليوم، فمن الواضح أن ذلك يرجع إلى مشاكلهم السياسية الخاصة، وليس بسبب الصين.
كما هو الحال مع القضايا الأمنية الأخرى في الشرق الأوسط، فإن الصين ليس لديها مصلحة ذاتية في القضية الفلسطينية، وتبذل جهوداً لمنع تهميش القضية الفلسطينية في الأوضاع الإقليمية والدولية المعقدة والمتغيرة، وتعزيز حل القضية بشكل منطقي وعادل.
طرح الرئيس شي جين بينغ “اقتراح الصين المكون من أربع نقاط” لحل القضية الفلسطينية خلال اجتماعاته مع الرئيس عباس في 6 أيار 2013 و 18 تموز 2017.
في عام 2021، عقدت الصين الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، ودفعت مجلس الأمن إلى عقد خمسة اجتماعات بشأن القضية الفلسطينية وأُصدر في نهاية المطاف بياناً رئاسياً، إضافة إلى ذلك، اقترحت الصين ثلاثة مسارات لتنفيذ “حل الدولتين”، وعقد ندوة لنشطاء السلام من فلسطين و”إسرائيل”.
حتى الآن، قام خمسة مبعوثين صينيين خاصين إلى الشرق الأوسط بزيارة فلسطين ومصر والأردن ودول أخرى ذات صلة في المنطقة للتوسط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
إن إحساس الصين بالمسؤولية والأخلاق في الحفاظ على السلام والتنمية في العالم واضح للمجتمع الدولي، وهذا أيضاً هو السبب الذي يجعل الصين قادرة دائماً على تكوين صداقات في الشرق الأوسط وحول العالم، وهذا هو في الأساس نتيجة للهدف الدبلوماسي الصيني المتمثل في تعزيز مفهوم “المصير المشترك” ليؤتي ثماره في المزيد من الأماكن في العالم.
المصدر- غلوبال تايمز