يتميز تاريخ سورية بالغنى والتنوع والإبداع، حقيقة عرفها العالم كله، فسورية كانت ولاتزال الاسم الموغل في الحضارات ومهدها، سورية إيبلا وعمريت وتدمر وأوغاريت وقلعة الحصن وحلب ودمشق.
ولأنها هكذا منذ اللحظة الأولى التي ضرب بها الزلزال والسوريون يساهمون بإعادة ترميم آثارهم لإيمانهم المطلق بأهميتها وتاريخها، فمنذ أيام كانت جولة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح للاطلاع على أعمال الترميم في جامع المينا الأثري، وكنيسة قلب يسوع الأقدس “اللاتين” في مدينة اللاذقية، اللذين تعرضا لأضرار من جراء الزلزال وسبقها الكثير من الجولات لإعادة الحياة لبعض الأماكن كما كانت عليه سابقاً.
ولهذا أيضاً كان المؤتمر الدولي لبحث آخر نتائج الأبحاث الأثرية السورية وتداعيات الزلزال حيث جاءت البعثات الأثرية من كل مكان على هذه الأرض للبحث في تداعيات الزلزال وأعمال الترميم المرتقبة.
أمام هذه المعطيات يمكن القول: إن سورية ليست وحدها بل هناك من يتابع ويثابر في سبيلها فهي الوطن المزروع في أعماقنا، المتجذر في أرواحنا.
نعم، بالمشاعر وحدها لاتحيا الأوطان، وإنما بالفعل والعطاء، وهذا التراث هو هويتنا وعاداتنا وتقاليدنا، وحضارتنا وتاريخنا المشرق عبر السنين، وهو الذي كان يوماً هدفاً للأعداء في الحرب الظالمة على سورية، وبرغم ذلك لم يهدأ السوريون يوماً عن تقديم كل مايملكون فهم مؤمنون بالوطن والأرض والحضارة ورسالة الإنسانية، مدركون ماقاله الخطيب الروماني شيشرون ذات يوم (من لايعرف التاريخ يبقى طفلاً أبد الدهر).
السوريون يقرؤون التاريخ، وكذلك الفكر فالشعب والأرض هما الوطن، وتالياً علينا أن نتابع المسيرة ونتحمل السؤولية التي تقع على عاتقنا جميعاً.
السوريون يتمسكون بأهداب الوطن ولايلتفتون إلى الوراء أبداً، كيف لا، وسورية هي الحقيقة واليقين ولولاها لما كان الحب والخير والسلام.