مسرح وموسيقا وتشكيل

 

 

من بعض الظواهر الهامة في عالم الإبداع اليوم أنه في حين تزداد الاختصاصات الفنية تخصصاً، وتدخل في المزيد من التفاصيل الدقيقة، فإن ظاهرة التقاء أجناس مختلفة من الفنون في عمل واحد تتنامى أكثر فأكثر. حيث نشهد باستمرار المزيد من العروض البصرية السمعية التي تقدَّم تارة بوصفها أعمالاً مسرحية، وتارة ثانية على أنها أعمالٌ موسيقية، ومرة ثالثة باعتبارها أعمالاً تشكيلية. في ظلّ هذا الواقع لم يعد تدريس بعض المواد الفنية (كالموسيقا والفن التشكيلي)  لطلبة المسرح استكمالاً للثقافة الفنية العامة فحسب، بل أصبح جزءاً أصيلاً من المادة المسرحية التي ينبغي تزويدهم بها، وخاصة ما يرتبط منها بالمسرح وببعض التجارب المفصلية فيه. غير أن هذه الضرورة تتحول في الواقع السوري (وفي معظم البلاد العربية) إلى طموح تحولُ دون تحقيقه عدة عقبات تقف في مقدمتها السوية الثقافية الفنية للطلاب الجدد المنتسبين للتو إلى المعهد المسرحي. ففي الفن التشكيلي تساهم عدة عوامل في إنتاج سويّة ثقافية ضعيفة لطلاب مرحلة ما قبل التعليم الجامعي تبدأ من ضعف الاهتمام الاجتماعي العام بالفنون التشكيلية عامة، ونظرة الريبة إلى بعض أنواعه (كالتصوير الواقعي والنحت). فإلى يومنا هذا – ورغم الأهمية الكبيرة لكثير من تجارب الفن التشكيلي المعاصر وغنى أصوله التاريخية – فإن علاقته مع محيطه الاجتماعي لا تتعدى شريحة صغيرة للغاية من المثقفين المتنورين. وإذا كانت بعض المفاهيم الملتبسة والغامضة تشجع على تخلي الأسرة عن دورها التثقيفي في هذا المجال، فإن التقاليد الاجتماعية والثقافية تزيد من ترسيخ الحال. في حين لا تشكّل المناهج التعليمية في مراحل التعليم ما قبل الجامعي بديلاً عن هذا الواقع ولا حلاً لما نتج عنه. فدروس التربية الفنية في السنوات الدراسية الأولى هي في أحسن الأحوال دروس لتعليم المهارات اليدوية لا أكثر، وفي حالات كثيرة تعامل كساعات فراغ لمواد ينظر إليها على أنها أكثر أهمية. أما في السنوات التالية فإن دروس التربية الفنية تغيب كلياً عن المناهج الدراسية. فإذا كان البيت والمدرسة – وهما أساس تكوين الشخصية الثقافية والمعرفية –  لا يؤديان ما يحتاجه تكوين المعرفة الفنية، فكيف ستستطيع ذلك باقي الهيئات كالمؤسسات الثقافية و الإعلامية؟.. ويضاف إلى ما سبق المشهد البصري اليومي الذي تلتقطه العين في الشوارع والأسواق وعلى شاشات التلفزيون، والذي لا يتناسب إطلاقاً مع السوية المتقدّمة للفن التشكيلي في بلادنا.

 

وعلى ما سبق فإن طموح المعهد العالي للفنون المسرحية في الارتقاء بمناهجه التدريسية إلى ما يتيح تعرف الطالب على أحدث اتجاهات وتجارب الفن التشكيلي، وخاصة تلك التي تجمعه مع فنون ثانية كما في العروض السمعية – البصرية، يتقلص إلى حدّ الاكتفاء بمحو الأمية الفنية للوافدين إليه حديثاً. وتشير التجربة العملية إلى أنه في الحالات القليلة النادرة التي وجد فيها بين دفعات الطلاب الجدد من يمتلك مستوىً مقبولاً من الثقافة التشكيلية بسبب عائلة متنورة، أو اهتمام شخصي، فإن ذلك لم يشكل – في أغلب الحالات – حافزاً للآخرين، وإنما على العكس من ذلك تماماً فإنه كثيراما شكّل عامل إحباط لباقي الطلاب، أو ربما ولّد إحساساً لدى الطالب المتميز بقلة أهمية ما يحصل عليه في المعهد، وهذا يعني أنه لا يكفي التعويل على الجهد الشخصي للطالب من أجل ردم الهوة بين ما يعرف، وما يجب أن يعرف.

 

 

آخر الأخبار
تعاون أردني – سوري يرسم ملامح شراكة اقتصادية جديدة تسجيل إصابات التهاب الكبد في بعض مدارس ريف درعا بدر عبد العاطي: مصر تدعم وحدة سوريا واستعادة دورها في الأمة العربية لبنان وسوريا تبحثان قضايا استثمارية خلال المنتدى "العربي للمالية" بينها سوريا.. بؤر الجوع تجتاح العالم وأربع منها في دول عربية سوريا تعزي تركيا في ضحايا تحطّم طائرة قرب الحدود الجورجية هدايا متبادلة في أول لقاء بين الرئيس الشرع وترامب بـ "البيت الأبيض" بعد تعليق العقوبات الأميركية.. "الامتثال" أبرز التحديات أمام المصارف السورية الرئيس اللبناني: الحديث عن "تلزيم" لبنان لسوريا غير مبرر الأردن يحبط عملية تهريب مخدرات عبر مقذوفات قادمة من سوريا انعكاسات "إيجابية" مرتقبة لتخفيض أسعار المشتقات النفطية قوات أممية ترفع الأعلام في القنيطرة بعد اجتماع وزارة الدفاع   تخفيض أسعار المحروقات.. هل ينقذ القطاع الزراعي؟ رفع العقوبات.. فرصة جديدة لقروض تنموية تدعم إعادة الإعمار اليابان تعلن شطب اسمي الرئيس الشرع والوزير خطّاب من قائمة الجزاءات وتجميد الأصول من واشنطن إلى الإعلام الدولي: الرئيس الشرع يرسم ملامح القوة الناعمة 550 طن دقيق يومياً إنتاج مطاحن حمص.. وتأهيل المتضرر منها  الرياض.. دور محوري في سوريا من هذه البوابة محاكمة الأسد.. الشرع يطرح قلق بوتين وتفاصيل الحل   الشيباني إلى لندن.. مرحلة جديدة في العلاقات السورية–البريطانية؟