لم تكن مفاجئة الهجمات التي شنتها التنظيمات الإرهابية في كل من البادية السورية انطلاقاً من قاعدة التنف الأميركية، وفي محافظة حماة واللاذقية انطلاقاً من إدلب حيث تنتشر جبهة النصرة الإرهابية، باعتبار تلك الهجمات جاءت تعبيراً عن الموقف الأميركي المعارض للانفتاح العربي على دمشق والمصالحة السورية التركية برعاية روسية إيرانية.
التناغم اللافت بين تعزيز قوات الاحتلال الأميركي وجودها العسكري في نقاطها العسكرية في الجزيرة السورية، والهجمات الإرهابية ضد المدنيين في دير الزور وتدمر وبعدها في حماة واللاذقية، يؤكد أن القرار خرج من غرفة عمليات واحدة، هي القاعدة العسكرية الأميركية في التنف ومرجعيتها العسكرية والسياسية في واشنطن.
لقد أعلنت واشنطن بكل وقاحة أنها ستعارض أي انفتاح عربي أو دولي على سورية وسوف يبقى “قانون قيصر” سيفاً مسلطاً لمعاقبة الدول التي تتعامل مع الدولة السورية، بعد أن بدأت واشنطن تشعر بانقلاب الوضع الإقليمي والدولي في غير مصلحتها.
وتنفيذاً لهذه الخطة الاستعمارية، بدأت واشنطن أيضاً بتحريض ميليشيا (قسد) الانفصالية في الجزيرة السورية لممارسة المزيد من المضايقات ضد المواطنين الرافضين لها، ورفع مستوى التوتر في مناطق وجودها وخلق البلبلة ومواصلة عنادها وسرقة موارد الجزيرة السورية وخيراتها من قمح ونفط وغاز كأداة ضغط اقتصادي بالتوازي مع تشديد الحصار الأميركي الجائر ضد الشعب السوري.
ولم تكن الهجمات الإرهابية التي شنتها جبهة النصرة الإرهابية ضد المدنيين الآمنين في محافظة حماة واللاذقية بالأمس سوى وجه آخر للمحاولات الأميركية الفظة عبر التصعيد الميداني ورفع منسوب التوتر لتعطيل مسار المصالحة السورية التركية التي ترعاها روسيا وإيران وخصوصاً بعد وضع خارطة الطريق للبدء العملي بالمصالحة.
محاولات التشويش والتعطيل الأميركية من خلال تحريك الأدوات الإرهابية لشن هجمات دامية عبر الطيران المسير في حماة وريف اللاذقية وإن كانت مؤلمة وذهب ضحيتها عدد من الشهداء وزادت معها الأوضاع الاقتصادية سوءاً، لكن هذه المحاولات لن تستطيع الوقوف في وجه التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة والعالم وخصوصاً في سورية وسوف يكون مصيرها الفشل في ظل إيمان الشعب السوري ويقينه بالنصر الذي خط مساره جنود الجيش العربي السوري وجرحاه وشهداؤه.
يعلم السوريون أن محور العدوان الذي تقوده الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي وبعض الدول الغربية هم أول وأكثر المتضررين من استعادة سورية عافيتها السياسية والاقتصادية التي بدأت بوادرها بالظهور مع استعادة دمشق مقعدها في الجامعة العربية وعودة العواصم العربية إلى قلب العروبة، لذلك لم ولن تفاجئهم المحاولات المستميتة من قبل واشنطن والمحور المعادي للتعطيل والتشويش.
لكن السوريين في نفس الوقت يدركون أنهم قادرون بإرادتهم ووقوفهم خلف جيشهم على مواصلة مسار النصر على الإرهاب وتحطيم مخططات محور العدوان مهما اشتدت الظروف المعيشية قسوة ومهما ازدادت التحديات.
وقد جاء الرد السوري الروسي المشترك على الهجمات الإرهابية باستهداف مقار تنظيم جبهة النصرة الإرهابية في إدلب رداً حاسماً على الإرهابيين ورعاتهم بأنه لن يتم السماح لهم بالتشويش على مسار التعافي والمصالحة السورية التركية والانفتاح العربي، وإن هذا المسار سيواصل التقدم بإرادة السوريين والعرب والدول الضامنة التي أقرت في اجتماعها الأخير في أستانا بضرورة مواصلة السير في طريق المصالحة وإعادة الإعمار.
السابق