برغم كل التوقعات الإيجابية لموسم محصول القمح الحالي إلا أن العبرة تكون عند نهاية الحصاد فحسب التصريحات الرسمية من وزارة الزراعة فإن الكميات المسلمة من محصول القمح لمؤسسة الحبوب وصلت لحدود ٦٠٠ ألف طن مع الاقتراب من نهاية الموسم، ويبدو أن هذا التفاؤل جاء من خلال مقارنة الموسم الحالي مع موسم العام الماضي، والذي وصلت فيه الكميات المسلمة حينها إلى٤٤٤ ألف طن.
والمؤشر الثاني لهذا التفاؤل جاء من خلال تصريحات وزير الزراعة حول الكميات التي سيتم استيرادها من القمح لهذا العام حيث ستعادل بحسب كلامه ٥٠% مما كانت تستورده سورية في الأعوام السابقة، هذا الكلام جميل لو كان حساب الحقل والبيدر مثمر لكن الأرقام تدحض ذلك.
للأسف عام القمح للسنة الثالثة على التوالي ليس له من اسمه نصيب في ظل عدم وجود دراسة دقيقة ومؤشرات تسبق الموسم فكل ما تم الحديث عنه من خطط زراعية ومحفزات وأرقام تقديرية وتسعير عادل للمحصول ذهبت أدراج الرياح، الأمر الذي يؤكد أن هناك حالة تخبط في السياسة الزراعية نتائجها ظالمة على الفلاح أولاً والاقتصاد ثانياً ومن ثم الأمن الغذائي الذي طالما كان الهدف الأول عند رسم أي خطة زراعية وبالأخص مع المؤشرات العالمية لمنظمة الفاو التي تنذر وتدق ناقوس الخطر لمجاعة غذائية قادمة مع الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية.
الحلول لدعم قطاع الزراعة ليست بحاجة للكثير من العناء والاجتماعات ووضع الخطط، وحتى المؤتمرات وإنما دعم مالي من خلال تخصيص جزء لا يستهان به ضمن الموازنة العامة للدولة وتوزيعه بطريقة صحيحة كي لا يفرغ هذا الدعم من مضمونه .
كل ما نحتاجه هو الاتفاق أولاً على أن الزراعة هي قاطرة النمو الاقتصادي، وأن التوجه لإعادة دعم هذا القطاع يتطلب توفير مستلزماتها من شبكات للري وكهرباء ومحروقات وأسمدة بأسعار مقبولة للفلاح ودعمه بالشكل الصحيح من خلال نمط تسعير مختلف يحفز ويشجع على المزيد من الإنتاج الزراعي ومن ثم الانطلاق نحو التفكير بإصلاحات شاملة لدعم القطاعات الإنتاجية التي تشكل الزراعة أرضيتها للتحول فيما بعد للمكننة الزراعية.
فالزراعة كانت وستبقى رافعة الاقتصاد الحقيقي في سورية بل ونجزم أيضاً أنها هوية اقتصادنا الوطني للمرحلة القادمة.