جهود كبيرة يبذلها جيش من المدرسين والمدرسات في مراكز التصحيح التي تغص قاعاتها بالمئات من كلّ الاختصاصات ، فمنذ تقديم المادة الأولى لامتحانات الشهادة الثانوية والإعدادية بدأت خلايا النحل البشرية في قطاع التربية بتصحيح الآلاف من المغلفات وذلك بظروف ليست مثالية بالتأكيد من ناحية عدم وجود وسائل تكييف وإمارة مناسبة بسبب انقطاع الكهرباء وكراس ليست مريحة لساعات طويلة من الجلوس ناهيك عن صعوبة فك الكثير من الحروف والعبارات لبعض الطلبة نتيجة الخط الصغير أو عدم التسلسل في أسئلة الإجابة ،وتداخلها مع بعضها البعض مايستغرق وقتاً وتعباً إضافياً ،فهناك مصححون يأتون من أطراف المدن والأرياف يخرجون من بيوتهم في السادسة صباحاً ويصلون منازلهم بعد الرابعة مساء ، وهناك من لديه وضع صحي وأمهات معلمات ومدرسات لديهن أطفال صغار والتزامات مختلفة ، ورغم ذلك آثر معظمهم أن يقوم بواجبه المهني والأخلاقي بالدرجة الأولى لإصدار النتائج في موعدها المعتاد.
علما أن مايعانيه القطاع التربوي من نقص واضح في كوادره سواء على صعيد المراقبة أو التصحيح، ليس أمراً سهلاً، وبالتالي من الصعب ترميم فجوة الكادر البشري ،ولاسيما من أصحاب الخبرة الطويلة والقدرة على الالتزام والعطاء، وهذا يحتم على وزارة التربية ومديرياتها اليوم إعادة النظر بأجور التصحيح لمن يقوم بواجبه وأن تكون بمستوى الجهود المبذولة، مع ملاحظة أن عدداً من المدرسات والمدرسين في ريف دمشق لم يحصلوا على أجور تصحيح العام الماضي لغاية اللحظة ، فعلى سبيل المثال -لا الحصر- إحدى مصححات مادة الفيزياء نالت في العام قبل الماضي تعويضاً لايتجاوز الثلاثة آلاف ليرة عن أكثر من أسبوعي تصحيح وهي التي كانت تدفعهم أجرة مواصلات لمسافة نصف الطريق فقط بين مدينة قطنا ومركز التصحيح في ركن الدين ، وقس على ذلك الكثير من الثغرات والضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية .
إن من يعمل اليوم بأخلاق وضمير ومسؤولية في هذه الظروف القاسية بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى على الصعيد الحياتي يحتاج التقدير والتحفيز والدعم المادي والمعنوي .