لم يخطئ دعاة توجيه اهتمامات الطلاب نحو التعليم المهني، من حيث المبدأ نتحدث، لكن ربما خانت بعضهم القدرة على إيصال الفكرة كما يجب والترويج لها بشكل صحيح.
التعليم المهني.. يعني مأسسة المهن والحرف، عبر رفد السوق بمخرجات كفوءة، أي مهنيبن مهرة بأداء منظم، وعدم ترك حرف ومهن أساسية بأيدي هواة هجروا المدارس لسبب أو آخر.
لكن قبل أن نمضي في تسويق فكرة الدراسة المهنية، لابد من سؤال عن البنية التحتية لمنظومة التعليم المهني في بلدنا، هل هي مكتملة وجاهزة وقادرة على التدريب والتأهيل وترسيخ مهارات حقيقية، لدى خريجي هذا النوع من التعليم، أي إن كان لدينا مدربون ومدرسون…هل بين أيدي هؤلاء المعدات والتقنيات الحديثة التي ترفد سوق العمل بكوادر نوعية، بدلاً من الدفع بالخريجين إلى دوامة البطالة؟
أيضاً..هل أحسنا توطين اختصاصات مواكبة لاحتياجات سوق العمل في ثانويات ومعاهد التعليم المهني، وهل مازالت وزارة التربية مصرّة على اختصاص الحدادة و”اللحام والتشكيل”..وإضاعة وقت الطلاب في اختصاصات مستفزة، وتالياً إضاعة مستقبلهم؟؟
إن أردنا فعلاً تحويل التعليم المهني إلى خيار مرغوب لدى الطالب، لايكفي أن نكثر من الدعوة والدعاء، بل هناك مايجب فعله على مستوى مجمل المنظومة، أي أن ندخل اختصاصات جديدة مواكبة لاحتياجات سوق العمل، وأن نرفد المدارس بأحداث معدات ووسائل التدريب التي تتكفل بإكساب الطالب مهارة مقبولة للانطلاق، كما لابد من تخصيص الخريجين من المعاهد المهنية بميزات جاذبة وتسهيلات إدارية ومادية لمساعدتهم على الإقلاع بورش فردية صغيرة، وهذا ليس منة بل يأتي في سياق المشروعات متناهية الصغر التي أكثرنا من الحديث عنها.
المهم أن نجعل لشهادة التعليم المهني قيمة، بأن تشفع لحاملها بتسهيلات ليست متاحة لأي كان، وفرصة للانطلاق بمشروع صغير يضمن له عيشاً كريماً..عندها فقط يمكن أن نستقطب الطلاب إلى مدارس ومعاهد التعليم المهني، لأن مجرد السرد والإسهاب في محاولات الإقناع، سيكون مضيعة للوقت ويعرض صاحبه للانتقادات اللاذعة، حتى ولو كان مسؤولا تربويا كبيرا.
نهى علي