حراك ثقافي وفني لافت ما نتابعه اليوم سواء على الصعيد المحلي وتشهد له منابرنا المحلية، أو على الصعيد العربي والمشاركة في المعارض والمهرجانات العربية والدولية، ما يؤكد يوماً بعد يوم غنى الكنوز الحضارية السورية ومخزونها الذي لا ينضب.
ورغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا وما خلفته الحرب الظالمة من تبعات، ينطلق إنساننا السوري متحدياً كل الصعوبات ليحقق وجوده الاستثنائي أيضاً في محافل الإبداع والتميز إن كان بالمشاركات في الأولمبياد العالمي، أو في العروض السينمائية أو العروض الفنية المسرحية منها وفنون التشكيل، ليسجل انتصارات جديدة ويحصد المراتب التي تليق به وبإنجازاته الحائزة على أرفع الجوائز.
ربما ما دفعني للحديث عن هذا الشأن الذي يعتبره البعض شأناً بديهياً، هو توجه بعض المخرجين إلى إنجاز بعض الأفلام الوثائقية الهامة والتي تحكي عن تراثنا العريق، كالفيلم الذي شارك في مهرجان الدار البيضاء الدولي للفيلم الوثائقي والروائي القصير، والذي حمل عنوان” حرفة من التراث السوري” ويرصد هذا الفيلم حياة أحد الحرفيين وعمله في صناعة الفخار والسيراميك ودوره في نقل التراث وتصويره عبر الزمن، فقد ورث هذه المهنة عبر أجيال متلاحقة من الأب ثم الابن وهكذا.
هذا الفيلم وبتسع دقائق فقط استطاع أن يقدم لنا تاريخاً كاملاً عن حرفة تراثية هامة، ومهنة من أعرق المهن التي اكتشفها السوريون وطوروها عبر مراحل عديدة إلى أن وصلت إلى يومنا هذا، فلو تبنى أصحاب الشأن الفني والسينمائي مهمة نشر تراثنا عبر بعض الأعمال الفنية المسرحية منها والسينمائية أو التلفزيونية، بأعمال وثائقية، وتقديمها في المدارس عبر الأنشطة اللاصفية، لتمكن الطلاب من الاطلاع على تراثهم، وتمسكوا بهويتهم وعملوا على إحياء هذا التراث العريق وتطويره، ليكون أحد رموزهم الوطنية.
هي دعوة لرعاية جذورنا الثقافية والاعتزاز بها، ودعوة لإقامة بعض الأنشطة التطوعية التي تحتفي بالتقاليد الثقافية والمحافظة عليها، لأنها كنوزنا الثقافية والحضارية التي تمثل هويتنا وانتماءنا.