لولا الضوء الأخضر
افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
يمارس الكيان الإسرائيلي إرهابه في المنطقة، ويستمر المجتمع الدولي ومنظماته بموقف المتفرج وكأن هذا الكيان يحق له تجاوز كل القوانين والأعراف الدولية، وما جرى في مخيم جنين مؤخراً وعدوانه المتواصل على الفلسطينيين تالياً خير شاهد، ثم يوسّع هذا الكيان عدوانه على سورية ويقصف نقاطاً في محيط مدينة دمشق، ويستمر العالم أيضاً بالصمت، ويستمر الغرب بالتستر على جريمته تلك، بل والتصفيق لها.
هذا الصمت الدولي، وهذا التستر الغربي، يشجعان الكيان المحتل على المضي في إرهابه واحتلاله، فلولا هذا الضوء الأخضر والدعم اللامحدود والمستمر الذي تقدمه واشنطن له ما كان ليجرؤ على تماديه المذكور، ولما تجاهل مجلس الأمن الدولي والقوانين الدولية، فهو لا يعير أي اهتمام للأمم المتحدة ولا لمجلس الأمن الدولي بل هدفه الأول والأخير تحقيق أهداف أجنداته العدوانية التوسعية.
فهو من خلال عدوانه المتكرر على المنطقة يحاول يائساً خلط الأوراق فيها والتشويش على الحراك الدبلوماسي الرامي لإعادة الأمن إليها، وكذلك “فرملة” أي تقارب بين دولها، سواء التقارب العربي الإيراني، أو العربي نحو سورية، وبمعنى آخر محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وبث روح الحياة في مخططات “الشرق الأوسط” التفتيتية والتقسيمية التي لفظتها شعوب المنطقة، وتسعير الخلافات بين عواصمها لاستمرار بيئة الحروب والصراعات التي أدمن الكيان الإسرائيلي -ومن خلفه واشنطن- على رعايتها ودعمها.
وهو كذلك يواصل ارتكاب جرائمه العدوانية والإرهابية ليؤازر أدواته الانفصالية والإرهابية التي أفلست وفقدت قدرتها على إضعاف الدولة السورية، وكي يوحي بأن سياسات “الفوضى الهدامة” وانتشار التنظيمات المتطرفة هي التي مازالت سائدة في المنطقة برمتها.
ولعل توقيت العدوان الإسرائيلي وأهدافه المشبوهة تؤكد ذلك، فهو يتزامن مع التصعيد العسكري الأميركي في المنطقة وتكثيف الوجود العسكري من جنود وحاملات طائرات في بحارها، وكذلك مع تصاعد اعتداءات القوات الأميركية المحتلة على أهلنا في الجزيرة وقطعها المياه
– بالتعاون مع أداتها الانفصالية “قسد” والمحتل التركي
– عن أكثر من مليون مواطن سوري هناك، ويتقاطع أيضاً مع تصريحات رئيس النظام التركي بعدم انسحاب قواته المحتلة من سورية بحجة محاربة الإرهاب.
إذاً هي سياسات تبادل فاضح للأدوار بين الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة لإطالة أمد الحروب والصراعات والأزمات في منطقتنا، لكن المحزن أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن لايتحملان مسؤولياتهما في لجم العدوان ولا حتى إدانته، ولايتحركان لإلزام هذا الكيان الغاصب على الكف عن إرهابه، وكأن مسؤولياتهما عن حفظ الأمن والسلم الدوليين تنحصر في أمكنة معينة من هذا العالم.
لكن ما لايدركه العدو الإسرائيلي والإدارة الأميركية التي تدعمه أن الشعب السوري لا ترهبه سياسات العدوان، ولن تنجح تلك السياسات في ثنيه عن هزيمة الإرهاب وإعادة إعمار بلده، ولن يزيده العدوان إلا إصراراً على التمسك بحقوقه وأرضه، والعالم كله خبر صبر هذا الشعب وإرادته، ناهيك عن أنه صاحب الأرض والحق.