رحيل الكاتبة والأديبة سهام ترجمان يشكل مناسبة للحديث عن عشقها الأبدي للفن التشكيلي، ومن يعد إلى كتبها ( ومن ضمنها يامال الشام، وجبل الشيخ في بيتي .. ) يجدها قد خصصت صفحات فيهما لنشر لوحات بعض الفنانين الرواد.
ففي الكتاب الأول نجد مساحات لبعض لوحات ورسومات الفنان الراحل عبد القادر النائب، تبرز فيها قدرته على امتلاك حيوية الخط، الذي يحدد العناصر والأشكال ضمن نزعة تبسيطية واختزالية تتطلبها الرسومات الحديثة والمعاصرة.
وفي الكتاب الثاني نجد لوحات واقعية للفنان الرائد الراحل عزيز إسماعيل، ولقد أنجزها بطلب منها، كما قال لي في جلسة حوار معه، وفيها نكتشف عنده إمكانيات كبيرة في رسم الوجوه والإفصاح بأدق درجات الدقة وتحقيق درجات الشبه والتعبير عن الحالة النفسية التي كانت تعيشها الشخصية.
كما أنه صمم غلاف كتابها المذكور بطريقة مبتكرة وغير مألوفة، وتضمن الكتاب لوحات لفنانين آخرين، وجاءت اللوحات متوافقة مع نصوصها. والوجوه التي نشرت في كتبها، هي الشهادة الحقيقية، التي تسجل خطوط العمر والمعاناة والفرح واليأس والأمل، وإلى آخر ما هنالك من تعابير وصفات.
وإذا أردنا تحليلها من وجهة نظر تشكيلية وتقنية، فإننا نجدها تجنح في أكثر الأحيان نحو معاينة سمات الأصل برزانة وهدوء وعقلانية، ودون أن تقع في فخ التأثيرات التسجيلية السهلة، لإضفاء اللمسة الفنية المعبرة في نهاية المطاف عن أسلوب الفنان وأحاسيسه ومشاعره الداخلية. ويزداد هذا الشعور في خطوات تأملاتنا للوحات الوجوه المنشورة في كتابها (جبل الشيخ في بيتي الصادر في منتصف الثمانينات) مع جنوح نحو عفوية اللمسة في محاكاة سمات الأصل بوضوح وانسجام واداء عقلاني مركز، حيث يبرز الدمج الحيوي بين الأداء الأكاديمي والواقعي والعمل على صياغته وإظهاره بحيوية وبحركة تعبيرية منفتحة على إيقاعات اللون الحديث، على الأقل في ابتعاد الفنان عن النعومة المتبعة في الرسم الواقعي الاستهلاكي، وإظهار تقنيات الرسم الزيتي ضمن إطار البحث عن فضاء جمالي موزون ومدروس.
