ليست الشركة العامة لصناعة الكابلات بدمشق هي وحدها التي تحتاج إلى دراسة جدية لتطوير إنتاجها، وإنما جميع مؤسسات وشركات القطاع العام الصناعي “الرابح والخاسر ـ المتعثر والمتوقف” بأمس الحاجة اليوم قبل الغد إلى خطط علمية، وبرامج تنفيذية، ودراسات عملية، واستراتيجيات تطويرية ـ تحديثية “قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى”، ورؤى تقنية متطورة، والأهم إرادة حقيقية جدية تمكن هذا القطاع الذي كان في يوم من الأيام خصماً عنيداً، ومنافساً قوياً وشرساً، ومارداً إنتاجياً وتصديرياً بكل ما للكلمة من معنى.
نحن هنا لا نتحدث عن قطاع مغمور ـ مبتدئ يبحث بالسراج والفتيل عن الفرص والإمكانات والبنى التحتية والقوى البشرية “الفنية ـ التقنية” ورأس المال للانطلاق من نقطة الصفر، وإنما عن مؤسسات وشركات “كنار ـ سارـ دهانات أمية ـ السجاد ـ ألبسة الشرق … على سبيل المثال لا الحصر”، كانت “وللأسف” قبل عقود قليلة مضت مضرب مثل للجودة والمتانة ورقعة الانتشار والمواصفة التي لم تكن يوماً إلا مطابقة للمواصفة القياسية الوطنية السورية، وخلق دورات اقتصادية ـ ربحية مستمرة ودائمة، بعيداً كل البعد عن الخمول والكساد اللذين لم يكن لهما “محل من الإعراب” في خططهم “الكمية والنوعية” الإنتاجية والتسويقية.
المشهد العام الصناعي اليوم يكاد يكون الأغرب في ظل التوجه الحكومي الداعي إلى دعم القطاع العام الصناعي باعتباره الحامل الرئيسي والأساسي لا الثانوي للاقتصاد الوطني جنباً إلى جنب مع القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني .. لا بل ويدعو “المشهد” للقلق أيضاً في ظل تشبث البعض بذات الآلية ونفس العقلية والذهنية النمطية التقليدية التي أكل عليها الدهر وشرب منذ سنوات وسنوات، وعدم اقتناعهم بفكرة “الصناعي الشاطر ـ المسوق الشاطر ـ التاجر الشاطر” الذين يجيدون فن استهداف فئة العملاء الحقيقيين وأذواقهم وسلوكياتهم وعاداتهم الحياتية والشرائية، واحتياجاتهم ورغباتهم التسويقية وقياس رضاهم، وإضافة عملاء جدد، والتحرك فعلياً لا تنظيرياً فحسب لإعادة هذا القطاع إلى موقعه المميز الذي كان فيه “صاحب اليد الطولى في السوق الداخلية على أقل تقدير”.. لأن ما قيل وما قد يقال في قادمات الأيام عن تعملق هذا القطاع الحيوي والمهم هو مجرد “نسخ ـ لصق” لا أكثر ولا أقل .. لأن “الداء معروف والدواء موجود”.