بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة:
ما جاع شعب في إفريقيا أو آسيا إلا وكان السبب الرئيسي لذلك الأمر نهب دول الاستعمار الغربي لمقدراته وثرواته، ومحاولتها خلق الأزمات في بلاده لإبقائه تحت الفقر والفاقة والحروب والصراعات، كي تكون هي المنقذ المزعوم بعد استفحال الأزمات والمتدخلة والحامية “الحنونة” لحقوق الإنسان بعد الدمار والخراب، بعد أن تكون قد شردته وقتلت أبناءه، ولنا في ما يجري بأكثر من بلد خير شاهد.
في النيجر، التي تشهد هذه الأيام بعد الانقلاب فيها، أحداثاً ساخنة، هي من الدول الفقيرة جداً، والتي يعاني شعبها الأمرّين، لكن لمن لا يدري هي الدولة التي تكتنز من الثروات ما تجعل ذاك الشعب يعيش أفضل من الشعب الفرنسي لو كان حراً بالتصرف بثرواته تلك.
ولنقرأ التفاصيل لندرك حجم المأساة التي يعيشها الشعب النيجيري، فهذه الدولة تعد المورد الأول لليورانيوم إلى الاتحاد الأوروبي، وتمثل حوالي 5٪ من الإنتاج العالمي، وتعتبر رابع أغنى دولة في العالم من حيث احتياطيات اليورانيوم، وتحتفظ الشركة النووية الفرنسية AREVA بالحق في معالجة موارد اليورانيوم في النيجر لأكثر من 50 عاماً، لهذا السبب، تولي كل من فرنسا والولايات المتحدة أهمية كبيرة لهذه الدولة الإفريقية، ولهذه الأسباب تتنافس عليها القوى الأوروبية العظمى مثل فرنسا وبلجيكا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال، كما تتنافس على غيرها من البلدان الإفريقية التي تملك الثروات الكبيرة.
وجاء الانقلاب ليثير قلق تلك الدول الغربية، التي فزعت من الخوف على مصالحها، وسارعت إلى معارضة المجلس العسكري الذي تسلم حكم البلاد وعزل حليفها الرئيس محمد بازوم، وكما رأينا فقد هددت باريس التي تحتفظ بـ 1500 جندي باستخدام القوة العسكرية ضد الانقلابيين.
وكما هي العادة تاجر الغرب بقصة الديمقراطية والقلق عليها، وسرت في ثنايا إعلام الدول المستعمرة موجة حزن على حقوق الإنسان، وأدرك العالم كله أن التباكي على الحريات والحقوق البشرية ليس هدف هؤلاء بل مصالحهم الاستعمارية والخوف من فقدانهم لتلك المصالح تماماً كما كان حالهم في مالي وبوركينافاسو وغينيا والسودان وسواها من بلدان إفريقيا، التي تعتبر من أكثر الدول فقراً وأغناها ثروات طبيعية، تلك الثروات التي جعلتها في عين العواصف والاحتلالات وتهافت الشركات الاحتكارية الغربية عليها.
صحيفة “الثورة” تتابع في ملفها السياسي اليوم انقلاب النيجر، أسبابه وآثاره، وردود الأفعال عليه، وموقف الغرب الاستعماري منه، ومآلاته، كما تسلط الضوء على جغرافيا هذا البلد وثرواته وعلاقاته بجواره الإفريقي، والاحتمالات التي ستواجه شعبه، ومحاولة فهم ما يجري في إفريقيا من انقلابات وأحداث ساخنة.