الثورة – غصون سليمان وميساء الجردي:
تعزيزاً للتعاون وتبادل الخبرات بين الدولتين الصديقتين سورية وروسيا انطلقت اليوم فعاليات المؤتمر الدولي السوري الروسي الأول للطب النفسي ضمن عدة محاور يقدمها خيرة الاختصاصيين والأطباء النفسيين من الدولتين
*علاقة استراتيجية
وفي هذه المناسبة أشار حسام السمان أمين فرع دمشق لحزب البعث العربي الاشتراك راعي المؤتمر إلى ما يملكه الشعب السوري من قيم سامية تجسدت تضحية وإقداماً وشجاعة دفاعاً عن تراب الوطن وحفاظاً على وحدته حيث تجلى ذلك بالفعل المقاوم والسلوك المناهض لكل أشكال الضعف والخنوع والاستسلام ليكون زاداً لا ينقطع ونوراً لا ينطفئ.
وبين السمان أن العلاقات السورية الروسية تعود إلى قرون من التاريخ وهي علاقة استراتيجية مهمة ومتينة في المنطقة، حيث شكلت روسيا دعامة أساسية في الدفاع عن قضايا الشعب السوري في المحافل الدولية، موضحاً أنه في ظل التحديات التي تواجهها سورية منذ بداية الحرب الإرهابية التي شنت عليها قامت روسيا بتقديم كافة أشكال الدعم سواء على المستوى الإنساني والعسكري حتى استطاعت سورية أن تتخطى وتنطلق اليوم نحو المستقبل متجاوزة العديد من الصعوبات.
وأضاف السمان أن العلاقات السورية الروسية ستبقى راسخة ومستمرة في مواجهة التحديات التي تواجه البلدين، فالجسر الاجتماعي والإنساني بين الدول هو الأكثر متانة في العلاقات.
ووجه أمين فرع دمشق للحزب الشكر والتقدير لمؤسسة التعاون السوري الروسي التي تعمل بنشاط وفعالية على تعزيز التعاون الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بين سورية وروسيا من خلال إقامة العديد من الأنشطة المتنوعة من تعليمية وتنموية وثقافية واقتصادية، إلى جانب هدفها بتحقيق التواصل بين شعبي البلدين، من هنا يأتي دورنا في تمكين الشراكة المجتمعية العميقة مع هذه المؤسسة من أجل دعم شرائح المجتمع السوري وفعالياته عبر الإمكانيات المتوفرة.
وأكد السمان أهمية انعقاد هذا المؤتمر لتعزيز التعاون وتبادل المعرفة بين الخبراء والمتخصصين في مجال الصحة النفسية في سورية وروسيا حيث يهدف المؤتمر إلى مناقشة أحدث التطورات والابتكارات في مجال علاج ورعاية المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية بما في ذلك اضطرابات ما بعد الصدمة نتيجة الحروب والأزمات والكوارث الطبيعية.
*متلازمة الصدمة
بدوره تحدث الجنرال اللواء البحري فادم كوليت رئيس المركز الروسي للمصالحة عن مهام المركز الأساسية مؤكداً أن أثقل أثر للنزاعات المسلحة هو عسكرة الحياة العامة والسياسية والاقتصاد، فضلاً عن الصدمة النفسية العميقة لعدد من الناس.
وأشار إلى أنه في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع المسلح الداخلي تكون الدولة والمجتمع معرضين بشكل خاص لظهور ما يسمى “متلازمة ما بعد الصراع”التي يمكن أن تصبح مصدراً لمواجهة جديدة، ولهذا السبب فإن أي عملية إعادة إعمار بعد الحرب تكون معقدة ومنهجية لتقديم المساعدة لأبناء المجتمع ويتم تنفيذها وفق المقاييس السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والنفسية.
ونوه رئيس مركز المصالحة أن القضايا التي يناقشها المؤتمر ضرورية وهامة لحل المشكلات المتعلقة باستعادة الحياة السلمية بعد الحرب.
*مواجهة الضغوط
كما أشارت السيدة لينا نصر بالنيابة عن ممثل المنظمة الأرثوذكسية في سورية الأستاذ ميشيل التلي إلى أن الصحة النفسية هي حالة من الرفاه النفسي تمكن الفرد من مواجهة ضغوط الحياة والتعليم والعمل بشكل جيد والمساهمة في بناء مجتمعه المحلي بصورة سليمة..
وقالت نصر إن إهمال الصحة النفسية يمكن أن يكون سبباً رئيساً في تعطيل الحياة اليومية وتوقف ممارسة أبسط الأنشطة المفضلة للفرد وبالتالي لا يمكننا الاستهانة بالآثار السلبية التي يمكن أن تخلفها من مشاعر الوحدة والقلق والتوتر، لافتة إلى أن الصحة النفسية هي حق أساسي من حقوق الإنسان وبالغة الأهمية للتنمية الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، من هنا تبرز أهمية المؤتمر لكي يسلط الضوء على هذا الموضوع الجوهري من حيث التعامل وطريقة تشخيص هذا المرض الخطير ومعالجة أسبابه.
*النهوض بالمجتمع السوري
الدكتور فادي عيساني رئيس مجلس أمناء مؤسسة التعاون السوري الروسي
أشار في كلمته إلى أن السلامة النفسية هي اساس السلامة الجسدية، وتعطي الصحة النفسية القوة والمناعة للمجتمع والوطن، وباعتبار أن لكل مرحلة حيثياتها ومتطلباتها وكل حالة تطرأ بالمجتمع تصبح سلبية ومؤثرة على طاقة الإنسان والمجتمع فمن الضرورة الإضاءة عليها ومناقشة أسبابها وطرق علاجها للوصول إلى مجتمع سليم معافى.
وبين عيساني أن الحرب على سورية مستمرة بأشكال مختلفة، مؤكداً أن صمود القيادة والجيش ساهم بصمود المجتمع السوري وألهمه القوة رغم كل المحن التي مرت عليه.. فالحرب الظالمة أنهكت المجتمع مع فقدان الكثير من شبابنا وتزايد أعداد الجرحى التي تكاد تكون في كل بيت، إلى جانب تدهور الأوضاع الاقتصادية التي يسعى إليها أعداء الوطن بشكل متعمد ليفقد الشعب ثقته بوطنه وجوهر مقاومته وهذه جعلت البعض فريسة للاكتئاب والاحباط، ناهيك عن كارثة الزلزال والحصار الاقتصادي اللاإنساني الذي فرضته القوة المستكبرة بهدف إركاع الشعب السوري، ومع هذا الواقع المرير تسللت أمراض نفسية كبيرة لا بد من معالجتها.
وأوضح الدكتور عيساني أن أهداف مؤسسة التعاون السوري الروسي النهوض بالمجتمع السوري بكافة المواقع والنواحي النفسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وبالتالي من هنا تأتي أهمية انعقاد المؤتمر السوري الروسي الأول للطب النفسي والذي سيناقش من خلال الاختصاصيين أسباب الأمراض النفسية والوصول من خلال المحاضرات إلى حلول ناجعة تساعد في تخفيف هذه الأمراض التي تؤدي إلى تعطل قدرات المجتمع.
*لقاءات
وفي لقاءات للثورة بين الشيخ خالد جويد الأحمد العقيدي عضو مجلس القبائل والعشائر في سورية أهمية هذا المؤتمر في تناوله لموضوع مهم على المستوى المجتمعي وخاصة بعد هذه الحرب الكونية على سورية وفي ظل الحصار الاقتصادي. وأكد الشيخ العقيدي أهمية الشراكة بين الدولتين الصديقتين والتعاون الروسي الذي شمل كافة الأصعدة ومنها الجوانب الصحية في جميع مجالاته وذلك نظراً لما تعرضت له سورية عام 2011 والحالة المزرية التي يعيشها المواطن السوري بسبب هذه الحرب وما حملته من تداعيات نفسية كبيرة، وعليه كان هناك دعم وتعاون كبير من قبل الجانب الروسي في الاهتمام بالخدمات الصحية لكافة أنحاء الدولة السورية والتي يساهم فيها الأطباء والصيادلة والعاملين الصحيين في سورية.
وأشار الشيخ العقيدي إلى دور القبائل والعشائر في تشجيع العمل الإنساني ومساعدة الشعب السوري المنكوب ووقوفهم إلى جانب الوطن حتى تحرير الأرض من رجس الإرهاب ومن الاحتلال الأمريكي غير الشرعي في سورية الذي سرق ثروات البلاد وتسبب بالويلات لكافة السوريين من أمراض وأوبئة وتدمير وسرقة الممتلكات الحصار المستمر للشعب السوري وتجويعه. ونحن نقول لهم لا.. فهم الراحلون ونحن الباقون.
*مرض قديم حديث
الدكتور يوسف لطيفة أستاذ الطب النفسي في جامعة دمشق ورئيس قسم الأمراض الباطنة في مشفى المواساة تناول في محاضرته موضوع الاكتئاب وهو مرض العصر مع أنه مرض قديم وليس حديث ولكن نسبته ترتفع ضمن الأزمات على الأقل مرتين أو ثلاث مرات في أي مجتمع تمر به أزمة معينة مثل الحروب والحصار والأوضاع الاقتصادية. مشيراً إلى أن هناك شريحة واسعة من المجتمع ومن كافة الأعمار تصاب بالاكتئاب فهو يصيب الكبار والصغار كما يصيب المراهقين والمسنين وهنا يكون له ميزات خاصة فهو عند المراهقين قد يؤدي إلى الانتحار والأفكار غير الطبيعية بينما لدى المسنين يتظاهر بأعراض جسدية أكثر من الأعراض النفسية.
وتحدث لطيفة عن وجود الكثير من الدراسات التي تم إجراؤها في الجامعات السورية حول نسب انتشار الاكتئاب والتي لا تقل عن 30 أو 40% في بعض الدراسات وتم إجراؤها على الجامعات الخاصة وجامعة دمشق وهناك 25% من أفراد المجتمع لديهم أعراض اكتئابية جزء كبير منها يحتاج إلى علاج وخاصة العلاج النفسي السلوكي. لافتاً إلى أن الأنواع الخفيفة يكفي معالجتها بالبرامج السلوكية النفسية والدعم النفسي ولكن في الحالات الشديدة لابد من مراجعة الطبيب والحصول على الدواء المناسب.
*نعاني الوصمة
بين الدكتور مازن الخليل طبيب أمراض نفسية ورئيس رابطة الأطباء النفسيين في سورية ما لهذا الحدث من أهمية في سورية وخاصة أن هناك بالحد الأدنى بين كل خمس أشخاص يوجد شخص متضرر نفسياً حتى بدرجات شديدة وبالتالي هناك واحد من بين كل عشرة أشخاص مصاب بمرض نفسي بدرجات شديدة وواحد بحالات خفيفة. وهناك عدة قضايا نفسية واجتماعية وهناك نسبة عالية تقارب خمس المجتمع لديهم مشاكل نتيجة الأزمة الكبيرة التي مرت بها سورية وخاصة أنها ستتترك أثارها على أجيال طويلة الأمد.
وأكد الخليل في محاضرته بأن أكثر الناس الذين يتواصلون مع برنامجه الطب النفسي أون لاين، أعمارهم تتراوح بين 19 و29 عاماً وهم الجيل الذين عاصروا الحرب على سورية منذ بدايتها حيث كانوا في مقتبل أعمارهم في الطفولة والشباب ولهذا أثر كبير. مشيراً إلى أن المجتمع السوري حتى الآن يعاني من موضوع الوصمة ومن مراجعة الطبيب النفسي على الرغم من الحاجة الماسة لهذا الأمر حالياً.