سعر الصرف انخفض، واستمر بالانخفاض تالياً لذلك، وسعر الذهب نفسه مضرب الأمثال انخفض.. ولكن الغذاء والشراب والكساء وبقية الاستهلاكيات لم تنخفض أسعارها.. فما السبب؟!
السلع ذاتها ليست في المستودعات بل على الأرفف، والباعة يغلقون المحال بانتظار ورود لائحة الأسعار من التجار والمستوردين، في خطوة باتت تشي بخطورة الوضع والمضي في تحدي الحياة، في وقت لا تتحمل فيه وزارة التجارة الداخلية المسؤولية عن ذلك، ولا بد من ذراع تنفيذية ضاربة ليس لمراقبة الأسواق، بل لإيجاع التاجر والمستورد والموزع والبائع إلى آخر التسميات التي تمتص دم المواطن وعرقه ولقمة أطفاله..
لا شيء يوجع التاجر أكثر من المال وخسارة المال ولو كان طابعاً ملصقاً على ورقة، وإن لم يكن بالإمكان إلزام التاجر والمستورد بخفض الأسعار نتيجة ثغرة محتملة في النص، فيمكن إلزامه بتقديم ضريبة عادلة عن كل ليرة يربحها من المواطن، وهنا بيت القصيد إذ إن الجهة الوحيدة القادرة على ذلك هي المالية بكل أجهزتها التي تنتشر يمنة ويسرة، فهي المتمكنة من ذلك، وهي القادرة على تحصيل حق الخزينة ليرة بليرة من كل حلقة من الحلقات التي تتربح على حساب المواطن.
المسألة غاية في البساطة، مراقب دخل واحد مع مفتش تمويني مختلفين عمن اعتاد السوق عليهما في القطاع المكاني يشتريان سلعة ويقارنان سعرها بالنشرة أو بالحد الأقصى للربح وهنا تبدأ العملية، إذا إن تنظيم محضر تهرب أو مخالفة ضريبية لمحل واحد حتى تتم المباشرة بالثاني تعني التزام السوق لساعة ريثما “تفك الغارة” أما الشراء أو حتى الاستفسار عن سعر سلعة في كل محال السوق، فذلك يعني وضع اليد على السعر الحقيقي للبيع وبالتالي هامش الربح المحقق المؤهل للضريبة ليتم على أساسه احتساب ضريبة يمكن اعتمادها ربعية أو نصف سنوية.
آلية عمل كهذه ستخلق مثالاً يحتذى في ردعه لكل أسواق المدينة أو المحافظة (أي مدينة أو محافظة لا فرق) وتكون الخزينة قد حصلت على حقوقها، والمواطن بات يشتري بسعر متهاود والسعر متناسب مع انخفاض الأسعار كما هو متناسب بل ودسابق لسعر الصرف ومن دون ظلم لأحد.
ليست المطارح الضريبية كلها شركات ومعامل وورشات ومقاهي ومولات رغم أنها الأساس والجذر، بل هي إلى جانب ذلك بقالية وفرن وملحمة وعصرونية وألبسة وأحذية وأغطية وسواها من الاحتياجات اليومية، فمحال قطع الغيار والبطاريات لا يعلم بأرباحها إلا الله، وكذلك المستلزمات الطبية ومستودعات الأدوية والكهربائيات وقطاعات أخرى كثيرة، وكلها مطارح ضريبية مهمة ما دامت المطارح الأساسية الكبيرة محدودة.
