الروائي سهيل الذيب يهاجر سربه إلى عالمه الفاضل

الثورة – رنا بدري سلوم:
متمرّدٌ، حرٌ من كل قيد، يحلّق في أفقه الخاص، يسكنه عالم الفضيلة، يطمح للعدالة والكمال، يجلد ذاته ليظهر الجوهر، لا يهمه إن ظل وحيداً، فهو سيّد قناعاته، وفيٌ لأفكاره ومخلصٌ لمبادئه، إنه الأديب الروائي سهيل الذيب الشخصيّة المتواضعة النبيلة التي تحترم الآخرين بل وتحتويهم في عقليّة علمانيّة منفتحة، تتقبّل الرأي الآخر بل وتبحث عن الاختلاف ويشدّها التفرّد وتجذبها التناقضات، هكذا عهدته برفقته خلال سنوات العمل الصحفي في صحيفة تشرين، حين كانت أحاديث الأدب والشعر والصحافة تشدّنا قبل تحضير فنجان القهوة الصباحيّ.
رحل عضو اتحاد الكتاب العرب جمعية القصة والرواية ابن جبل الريّان الأشم قرية “صما” مواليد
١٩٥٤ باسمه الكبير..لم تهمه الألقاب يوماً ولم يسع إلى المناصب والشهرة، بل جلّ همه أن يجتاز اختبارات الحياة محافظاً على إنسانيته باحترام فكره النيّر مصدّراً عبر أدبه أفكاراً خلاّقة قادرة على التحفيز والتغيير في مجتمع يخاف الاعتراف بأوجاعه، مؤمناً أن الإنسان ينجو بمحبة أخيه الإنسان.
خبرناه متفانياً يعمل بصمت، يحمل أعباء من يثقلون كاهله بالقراءة لإبداء الرأي والتصويب والتصحيح، كان دقيقاً ملتزماً في عمله،  يهدينا إلى حبّ اللغة العربية والنهم للقراءة والتكلم بالفصحى أثناء ظهورنا الإعلامي، وكيف لا وهو الابن البار باللغة العربية وخريج كليتها، لن أنسى من علّمني أن أحافظ على رشاقة اللغة، والتكثيف والتقاط الصورة الشعريّة، والابتعاد عن الحشو والإنشاء والإطالة، لن أنسى خطوط  قلمه الأحمر على أوراقي التي مدّت كلماتي بروح متجدّدة.
يوم خريفي، لن أنساه برفقته حين كان الطريق طويلاً سيراً على الأقدام من مبنى جريدة الثورة إلى مبنى اتحاد الكتّاب العرب، وكانت قطعة الحلوى تعطينا شيئاً من الطاقة لإكمال المسير، وتحلّي أحاديثنا الحزينة وسط البؤس، حينها كانت شرارة الحرب على سورية في بدء اتّقادها ، كان يرى البارود والموت يحجز لنا في الأرض قبوراً، قال:سنموت ولن تنتهي الحرب، قلت له: إنك متشائم، لأنك واقعي جداً،  الشاعر يجمّل الحكاية وأنت ترى الحقيقة ببشاعتها، رغم طباعته مجموعة شعرية يتيمة “العرس والساقطة”إصدار عام ١٩٨٥ كان الموت دافعها..  مجزرة قانا في لبنان سبب كتابتها آنذاك، كان ينجذب إلى الشعور الوطني المرتبط بالأرض والحقّ والحريّة، كان يقول : إن الساحة الشعرية مليئة بالمتشاعرين السطحيين فهجرتها! وها قد فعلها..رحل الذيب ولم تنته الحرب.
وبعد طباعة قصته الأولى “الكاتب والشرطي” وفوزها بالمركز الأول في مسابقة المزرعة في السويداء آنذاك  قرر الذيب أن يتخصص في كتابة القصة لأنه وكما كان مقتنعاً أن القصة فن أقرب إلى هموم الناس ولسان حال المجتمع دون مجاملة، فكتب قصة “الرياحيني”  و”موت وقيامة”، أما عن الرواية فكانت جناحاه يحلّق بهما بحريّة دون قيد أو شرط، فتطرّق بها إلى مواضيع حساسة ونظرة المجتمع المحافظ لها فكشف النقاب عنها بجرأة وبراعة وبأسلوب شيّق استحوذ على اهتمام النقّاد والدارسين لها وهي
أربع روايات” زناة”  آثام ” و”امرأة متمردة ” و”مذكرات في زمن ما” ورواية تشاركية بعنوان” القطار الأزرق” ، وقد كان لي شرف الكتابة الصحفية والإضاءة الاعلامية على إصدارات روائي يكتب كما يحلم ويطمح إلى التغيير وكأن الكتابة هو طوق النجاة وخلاصه الوحيد، حاجزاً لنفسه مكاناً وبصمة خاصّة في المكتبة العربية قلّ مثيلها.
رحل جسده و بقيت صور لن تغيب عن ذاكرتي وكتب المعجم المدرسيّ والقواميس العربية وغيرها على رفوف مكتبتي تشهد أنه يوماً كان أباً ومعلماً، ترجّل عرّابي سهيل الذيب تاركاً الحياة بسلام بعد أن تتلمذ وكما كان يقول” تتلمذت على يد الحياة الظالمة من حوله، على العبودية والفقر المدقع وعلى التنمر الأعمى وعلى النفاق الرهيب والأوجه المستعارة” أما أنا  لن أنسى من تتلمذت  على يده، يدٍ تمدّ أغصانها كسنديانة تحتمي بها القبّرات من الخوف والشتات والضياع.

آخر الأخبار
40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً قوانين التغيير.. هل تعزز جودة الحياة بالرضا والاستقرار..؟ المنتجات منتهية الصلاحية تحت المجهر... والمطالبة برقابة صارمة على الواردات الصين تدخل الاستثمار الصناعي في سوريا عبر عدرا وحسياء منغصات تعكر فرحة الأطفال والأهل بالعيد تسويق 564 طن قمح في درعا أردوغان: ستنعم سوريا بالسلام الدائم بدعم من الدول الشقيقة تعزيز معرفة ومهارات ٤٠٠ جامعي بالأمن السيبراني ضيافة العيد خجولة.. تجاوزات تشهدها الأسواق.. وحلويات البسطات أكثر رأفة عيد الأضحى في فرنسا.. عيد النصر السوري قراءة حقوقية في التدخل الإسرائيلي في سوريا ما بعد الأسد ومسؤولية الحكومة الانتقالية "الثورة" تشارك "حماية المستهلك" في جولة على أسواق دمشق مخالفات سعرية وحركة بيع خفيفة  تسوق محدود عشية العيد بحلب.. إقبال على الضيافة وتراجع في الألبسة منع الدراجات النارية بحلب.. يثير جدلاً بين مؤيد ومعارض!