ريم صالح:
قيل قديماً: “لا يوجد غذاء مجاني”، لعل هذا هو خير ما يجسد طبيعة العلاقة القائمة بين الاحتلال الأمريكي وميليشيا “قسد” الانفصالية على الأراضي السورية.
فالولايات المتحدة الأمريكية وكما نعرفها لطالما استعانت في كل بلد دخلت إليها بثلة من المرتزقة، والعملاء، والمرتهنين، ليكونوا أداتها، وذراعها التي تضرب من خلالها بالوكالة أهالي المنطقة وأصحاب الأرض الشرعيين، والتي أيضاً سرعان ما تستغني عنها، وتستبدلها في حال العطب، وفي حال اقتضت الضرورة.
ومع ذلك قد يتساءل سائل هل سيستمر هذا الدعم الأمريكي اللا محدود لميليشيا “قسد” في سورية، أم أنه سيأتي اليوم الذي ينتهي فيه؟.
الإجابة واضحة وضوح الشمس، ويكفي فقط أن نراجع وثائق التاريخ، وإسقاطاتها في الميدان، لنعي أن الاحتلال الأمريكي سيتخلى عن “قسد” مستقبلاً لكنه لن يستغني عنها حالياً، وذلك لعدة أسباب.
فالميليشيا ما هي إلا عكاز للمحتل الأميركي في سورية، يحركها، كيفما شاء، وبالتوقيت الذي يرتأي، ويرهب من خلالها النسيج السوري بكل مكوناته في المناطق الذي تتواجد فيه هذه الميليشيا ويسلبهم ليس فقط حياتهم وإنما حقوقهم وممتلكاتهم ويفرض عليهم الأتاوات.
كما أنه من خلال هذه الميليشيا الانفصالية يسرق يومياً مئات الأطنان من الثروات السورية من نفط وغاز وحبوب ووجوده عند آبار النفط السورية يحرم منها السوريين، ومن ثم يحقق مصالح أمريكا في خنق السوريين اقتصادياً.
دون أن ننسى بأن استثماره أي الأمريكي في هذه الميليشيا يعطيه بشكل أو بآخر ورقة يمكن أن يقامر بها على أي طاولة سياسية مرتقبة يتوهم من خلالها أنها قد تخوله ابتزاز السوريين والحصول منهم على تنازلات بما يخدم إملاءاته ومشاريعه العدوانية التوسعية.
كذلك فإن مجرد وجود هذه الميليشيا، وتغذية الأمريكي لنزعتها الانفصالية، يحقق مساعي أمريكا العدوانية في عدم رؤية سورية، واحدة، متماسكة، من شمالها إلى جنوبها، وبالتالي العمل على تحويلها إلى كانتونات تدار عرقياً، أو مذهبياً، أو طائفياً، بما يخدم أمريكا من جهة، وربيبها الإسرائيلي من جهة أخرى، الأمر الذي يصب في نهاية المطاف في خانة خدمة أعداء سورية المتربصين بها، شراً عبر العمل على تحويلها من دولة قوية، إلى إنهاكها، وتحويلها إلى أجزاء مشرذمة، ومتناحرة.
كما أننا إذا أمعنا النظر في الجغرافيا التي تتواجد بها هذه الميليشيا الانفصالية لوجدنا أن خطرها لا يكمن فقط بما تقوم به من سرقة ثروات السوريين، وآثارهم، وإنما يتعدى ذلك لسيطرتها على بعض المعابر، وبالتالي محاولتها التحكم بالمعابر وتهديد العلاقات السورية التجارية، والاقتصادية، مع دول الجوار.
كثيرة هي مصالح الولايات المتحدة مع “قسد”، ولكن هذه المصلحة لن تستمر، وبمجرد دحر قوات الاحتلال الأميركي، لن يبقى لهذه الميليشيا أي وجود، لذلك نرى المحتل الأميركي يهب في كل مرة لإنقاذ مرتزقته من الميليشيا العميلة، فاندحارهم على الأرض يعني انتهاء مشروعه الإرهابي في سورية، وهزيمة أجنداته التخريبية.