ديب علي حسن
لم يشغل عنصر من عناصر الطبيعة الإنسان كما الماء فهو رمز الحياة ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) .
وتركيب جسم الإنسان في معظمه ماء فمن الطبيعي أن يشغلنا الماء وتشتعل الحروب من أجله.
بل كما تشير الدراسات السياسية إلى أن معظم حروب المستقبل ستكون حول مصادر الماء كما كانت في العهود السابقة .
ولكن ما العلاقة بين الماء والحبر والجريدة .. هل هي اضداد متنافرة كيف يحول الماء الحبر إلى رتوش وبقع باهتة وكيف يبلل الجريدة الورقية ويتلفها ..؟
ماذا لو كان الأمر غير ذلك .. وهو بالتأكيد غير السابق في مؤسسة الوحدة – صحيفة الثورة- سوف تكتشف انك أمام قصة جميلة أعرفها منذ عام ١٩٨٩م ومازالت تتوالى فصولا وحكايا فكما الينابيع في القرى لو روت تاريخ حكاياها لملأت مجلدات كذلك حال منهل الماء الرئيس في ساحة المؤسسة .. صباحا لن تجد موظفا في الإدارة أو التحرير إلا ويحمل بيده علبة أو وعاء ويتجه نحو هذا المنهل .
بعضنا يحمله إلى المكتب وآخرون إلى منازلهم فالماء عذب نمير ..
ولا انسى أنني طوال عشرين عاما ونيف لم نعد إلى البيت انا وزوجتي إلا ومعنا من هذا المنهل ماء..
المشهد يزداد جمالا ولاسيما مع الزملاء الذين يدخلون العمل من جديد ..
وفي الذاكرة ان الكثير من الزملاء قبل تقنين الماء كانوا اذا شعروا بضيق ما يتجهون إلى المنهل حيث الشجرة الوارفة الكبيرة التي يطالها التقليم الجائر احيانا ولكنها تعود لتكبر ..
وثمة مساحة من التراب القليل قربها زرعت بالنعنع والورد الجوري ..
انه ماء دمشق الذي قال فيه احد الشعراء: من ذاق ماءك يوما كيف ينساه ..
منهل هو نسغ حياة وحبر صباحي رفيق الحكايا .وكم يحز بالنفس إلا يشعر بعض من شربوا ماءه أنهم مدينون له .
انه نبع من حبر وماء وجمال يصب في بيت كل من يعمل في هذه المؤسسة.
التالي