يمن سليمان عباس:
يتميز الأدب الإيطالي الحديث بنزعة جمالية وإنسانية أعطته طابعاً خاصاً بعيداً عن الآداب الأخرى في أوروبا, وقد عرفه القارئ العربي جيداً من خلال الكثير من الترجمات التي أبدع كتابها في تأليفها ومنها الكتاب الجديد الذي تقدمه الهيئة العامة السورية للكتاب.
صدر حديثاً عن “المشروع الوطني للترجمة” وضمن سلسلة “الكتاب الإلكتروني” رواية (بعد الطلاق)، تأليف: غراتسيا ديليدّا. ترجمة: نبيل رضا المهايني.
تتحدث هذه الرواية عن الزواج المدني والطلاق اللذين كانا محور نقاش مستفيض وحاد بين الأوساط الدينية والاجتماعية. إنها رواية واقعية في أحداثها، رومانسية في تفاصيلها، محددة في فضائها الزمكاني وشخصياتها. أبطال هذه الرواية هم كوستانتينو ليدا وزوجته جوفانا إيرا. يتجسد موضوعها الرئيسي باتهام كوستانتينو بقتل عمه، على الرغم من براءته، يقبل الحكم بدافع الحب لزوجته جوفانا التي تُطلقه وتتزوج من مالك أرض ثري وشرير في طباعه، في هذه الأثناء، يخرج كوستانتينو من السجن، بعد اعتراف القاتل، وتبدأ علاقته مع جوفانا من جديد.
أما المؤلفة فهي (أديبة إيطالية وثاني امرأة تفوز بجائزة نوبل للأداب عام 1926. ولدت ديليدا في بلدة ” فيورو ” الصغيرة الموجودة بجزيرة سردينيا في 27 أيلول عام 1871 في أسرة ثرية، وتلقت تعليمها الأساسي في مدرسة البلدة الابتدائية حتى بلغت العاشرة من عمرها وبعد ذلك تلقت دروساً خصوصية في اللغة الإيطالية واكتشف معلم اللغة نبوغها المبكر في كتابة الإنشاء وطلب منها أن تقوم بنشر ما تكتب في الصحف والمجلات وكانت آنذاك في الثالثة عشرة من عمرها، وأبدت إعجاباً بكل من شاتو بريان وفيكتور هيجو وبلزاك، ومن الايطاليين: كاردوتشي، ودانو نتسيو، فضلاً عن الأدباء الروس، وكان تأثيرهم واضحاً في روايتها (في البحر الأزرق) المنشورة عام 1890 ومن بعدها (أرواح شريرة) وقد شجَّع هذه المجموعة الكاتب الإيطالي الشهير آنذاك، روجيرو بونجي أن يكتب لها مقدمة روايتها (أرواح شريرة) عام 1896. وفي عام 1892 كتبت أولى رواياتها الطويلة وكانت بعنوان ” زهرة سردينيا” وبعثت بها إلى أحد الناشرين في روما فنشرها ولاقت نجاحاً منقطع النظير وأتبعتها برواية أخرى وهي ” أنيم أونست ” 1895، ولكنها جنت أول نجاح حقيقي لها من خلال رواية ” الياس بورتوليو ” 1903 التي تُرجمت إلى جميع اللغات الأوروبية. وفي أول القرن العشرين، في عام 1900 تزوجت جراتسيا، وبعد زواجها سافرت مع زوجها بالميرو مودساني إلى روما، وأحسَت أنها المدينة التي تنشدها فعاشت فيها سعيدة مع أسرتها، تكتب، وتنجح وتحظى بالكثير من الشهرة والتقدير وفي روما اكتشفت عالماً أكثر رحابة متمثلاً في المدنية بأبعادها الثقافية والحضارية المختلفة ومتمثلاً أيضاً في المؤلفات الأجنبية التي غاصت فيها جراتسيا ديليدا تلتهمها بنهم حيث كان لهذه الاكتشافات الأثر العظيم في كتاباتها التي صارت أكثر تنوعاً وانفتاحاً. بلغت المحصلة النهائية لأعمالها قرابة خمسين رواية ومجموعة قصصية، أغلبها مستوحاة من أجواء سردينيا، ومن أبرز أعمالها: “سينير” عام 1904، وهي حكاية امرأة ضحّت بنفسها من أجل طفلها غير الشرعي، و ” كان آل فنتو ” عام 1913، ورائعتها “الأم” عام 1920.)
رواية (بعد الطلاق)، تأليف: غراتسيا ديليدّا. ترجمة: نبيل رضا المهايني. صادرة حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2023.