الثورة – دينا الحمد:
خلال لقاء القمة مع الرئيس الصيني قال السيد الرئيس بشار الأسد: أعبر عن سعادتي لزيارتنا للصين التي تقف مع القضايا العادلة للشعوب منطلقة من المبادئ القانونية والإنسانية والأخلاقية التي تشكل أساس السياسة الصينية في المحافل الدولية والمبنية على استقلال الدول واحترام إرادة الشعوب ونبذ الإرهاب.
وأضاف سيادته: أتمنى أن يؤسس لقاؤنا اليوم لتعاون استراتيجي واسع النطاق وطويل الأمد في مختلف المجالات، ليكون جسراً إضافياً للتعاون يتكامل مع الجسور العديدة التي بنتها الصين.
والواقع فإن هذا الجسر الذي تحدث عنه الرئيس الأسد لم يتوقف عبر تاريخ علاقات البلدين الطويل، والتي تعود لعقود خلت، غير تلك التي كانت منذ مئات السنين، وقد كانت سورية من أوائل الدول العربية التي شجعت مبادرة “الحزام والطريق” الصينية لما لها من أثر إيجابي على المنطقة، ناهيك عن تقديرها لوقوف الصين إلى جانبها في محاربتها للإرهاب ودعمها لها في أروقة مجلس الأمن الدولي والوقوف بوجه السياسات الأميركية والغربية العدوانية نحوها، ومعارضتها للعقوبات الغربية والحصار الجائر ضد الشعب السوري.
بل سورية في مقدمة الدول العربية التي دعت العرب إلى التوجه شرقاً وتحديداً إلى الصين، والانخراط في المشروع الصيني الكبير المعروف بمبادرة “الحزام والطريق”، واليوم ومع مرور العالم مرة أخرى بمنعطف حرج نتيجة الحرب في أوكرانيا والتصعيد الأميركي والغربي للأزمات، ونتيجة التحديات العالمية الملحة، مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي، واتساع فجوات الثروة، فضلاً عن تصاعد أزمات الغذاء والأمن، فإن على العرب تحديداً أن يرسموا لأنفسهم سياسة مستقلة تخدم مصالحهم.
وقد كانت رحلة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الشرق الأوسط منذ عام دفعة إضافية لتعاون الصين مع العالم العربي، وعززت السلام والازدهار في المنطقة، ورسمت طريقاً للتضافر في بناء مصير مشترك، فالصين والدول العربية تحتاجان، أكثر من أي وقت مضى، إلى توحيد القوى لتعزيز التعاون والتغلب على مختلف التحديات الدولية.
وعودة إلى شواهد التاريخ نرى أنه منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية قبل أكثر من 70 عاماً، احترمت الصين والدول العربية بعضها البعض، وتعاملت مع بعضها البعض على قدم المساواة، وحققت المنافع المتبادلة وتعلمت من بعضها البعض، وفي الأعوام القليلة الماضية، أظهرت العلاقات الصينية- العربية في العصر الجديد حيوية كبيرة وشهدت تقدماً مستمراً، ما عزز أيضا بناء مجتمع صيني- عربي ذي مصير مشترك، وفي عام 2014، اقترح (شي) لأول مرة بناء مجتمع مصالح مشتركة ومجتمع مصير مشترك صيني-عربي في الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي، ولقي الاقتراح ترحيباً حاراً من الدول العربية.
وفي عام 2018، أعلن (شي) أن الصين والدول العربية اتفقت على إقامة “شراكة استراتيجية صينية عربية موجهة نحو المستقبل للتعاون الشامل والتنمية المشتركة” في الاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني العربي، وقد حدد ذلك مسار بناء مجتمع مصير مشترك صيني- عربي.
ومهما تغير الوضع الدولي، فإن الصين، كعهدها دوماً، تنظر إلى علاقاتها مع الدول العربية من منظور استراتيجي طويل الأمد، وتتخذ الدول العربية شركاء مهمين في السعي لتحقيق التنمية السلمية، وتعزيز الوحدة والتعاون بين الدول النامية، وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.