الثورة – آنا عزيز الخضر:
لعل المونودراما أكثر الأشكال الفنية مقدرة على التعبير عن الدواخل الإنسانية، ومايمر بها من حاﻻت الوجد والعذاب، وكل انفعال وتأثر، فهي تمنحه مساحة للبوح بكثير من الشفافية والأحاسيس الهاربة من ذاتها، والشاكية ضيقها من محيطها، كي تنساب عبر مونولوجاتها وسردياتها حاﻻت وحاﻻت، تتدفق دون توقف، لتعبر عن الدواخل المخبوءة، وتقول الكثير، ف تتحدث عن الشغف، والخسارة، عن الحزن والأوجاع، عن آمالها المطعونة في الصميم، و الهاربة بنفس الوقت، عن طموحاتها المكسورة، تتحدث عن تمسكها بالشوق لمحبيها، عن هجرانهم الإجباري وغيره الكثير.. هذا ماتجلى عبر العرض المونودرامي “صور من ذاكرة الحياة والموت” تأليف شاكر شاكر، وإخراج محمود عبد الباقي، وقد تحدث المخرج عبد الباقي عن أجواء العرض قائلا:
هو عرض يتحدث عن صور لذكريات شخص، تُرك في مأوى العجزة من قبل أولاده وحيداً، وبدأ باسترجاع صور حياته من الطفولة، مروراً بمرحلة الشباب، وحتى الكبر، إلى أن آلت به الحالة النفسية،
الوصول للموت، وقد مر في ذكرياته على شخصيات كثيرة، وظهر كيف تركت أثرها على مسيرته الحياتية، ليبدو أن الإنسان صنيع محيطه وبيئته، وتبرز البلورة ل دور آليات ردود الأفعال وشكلها وأثرها في الحياة والعلاقات الاجتماعية، ليظهر بين السطور الكثير من اﻷسئلة عن ماهية الإنسان والمقوﻻت، التي يتوجب أخذها بعين الاعتبار، خصوصا أن سبب وضعه بدار العجزة، هو وفاة الزوجة، و سفر الأولاد إلى خارج القطر، وعدم قبوله الخروج من البلد، لأنه تشبث بالذكريات والماضي وكل مايتعلق ببلده فهو إنسان يقدس انتماءه، ويتمسك به مهما كان الثمن..
أدى الشخصية
الممثل أسامه العثمان، وقد تلون بأدائه بشكل مقنع وجميل، و كان هذا الظهور الأول له على خشبة المسرح، وانا أتعمد دائما أن أظهر هذه المواهب الشابة في عروضي المسرحية عن قصد، لأنه أبدع بحق، مبتعدا عن النمطية، ومبدعا في أجواء العرض وتعدد شخصياته.