الثورة – لميس علي:
بطريقةٍ مفاجئة، يزحف الموت في القصص المعروضة علينا في فيلم (أغنية باستر سكروغز)، إخراج الأخوين كوين، إنتاج 2018..
ليصبح الخط الواصل بين هذه الحكايات الستة المنفصلة التي تُسرد في العمل..
وليظهر بطلاً خفياً لا شيء يطوله أو ينافسه.
هل أراد الأخوان صدمة المتلقي.. باستعراض طرقٍ مختلفة لموت شخصيات محورية في الأفلام القصيرة التي كوّنت العمل الأساسي.. وتقديم انحراف لسير الحكاية ينبئ عن عبثية (الموت).. أو بتعبير أدق عبثية الحياة التي أدّت إليه..؟
ما الذي تتحدث عنه هذه الحكايات..
وما الإحساس المتجمع لديك إثر مشاهدتها..؟
وكأن الأخوين كوين أخذا يرددان مقولة واحدة أرادا تظهيرها مرة تلو الأخرى، في سرد حكاية كل بطل من أبطالهم الستة..
ودائماً ما سيكون الموت في الجهة المقابلة لهدف البطل.
هو في الجهة المقابلة للحبّ كما في حكاية “أليس” المعنونة (الفتاة التي اضطربت)..
وأيضاً في الجهة المقابلة للذهب كما حدث مع الرجل المُسنّ في حكاية (وادي الذهب)..
وربما كان في الجهة المقابلة للمال مثلما حدث للص الذي أراد سرقة البنك في حكاية (بجوار ألجدونز).. وأحياناً يكون متربصاً في الظرف المقابل للقمة العيش كما في حكاية (تذكرة لوجبة الطعام).. وحتى في نهاية مجرد أغنية كما في أولى قصص الفيلم التي تأتي عنواناً له (أغنية باستر سكروغز)..
بالعموم ثمة روابط ما بين الأفلام الستة القصيرة ما عدا فكرة (الموت العبثي)..
كأن تُبنى غالبيتها في الغرب الأميركي منتميةً إلى نمط (الويسترن).. بالإضافة إلى حضور الطبيعة الواسعة.. الشاسعة.. وأحياناً القاسية كما فكرة الموت..
فكاميرا الأخوين كوين تلتقط جماليات المكان مهما كان مشتملاً على سمات تنبئ بسلبية ” الحدث القادم” الذي يريدان إيصاله عبر أسلوبية تتسم بالسخرية السوداء..
هل كانا يسخران من الموت أم من الحياة..؟
لأن “العبث” في كل مرة، كان سيد الموقف دون أي منازع.. بتقديم (الموت) كحدثٍ (بطل) يقلب كل التوقعات.. ويتسيّد المشهد..
مع أنهما أحسنا توظيف (ثيمة الموت)، بطريقة يظهر ضمنها وكما لو أنه حدث اعتيادي ويومي في الغرب الأميركي.. فلا أحد يُصدم أو يتفاجأ من حدوثه.
يبدو أن الأخوين كوين أرادا تمرير “فكرة الموت” كظرف حياتي.. كحالة معاشة إلى جوار الحياة، وفي قلبها وفي كل لحظة..
هل كانا يومئان إلى أن كثرة الموت لا تنجب إلا كثرة حياة..؟
عُرض الفيلم الخميس الفائت ضمن فعالية “بيت السينما، صالة كندي- دمشق”، التي تستأنف نشاطها بدعم مؤسسة السينما، وإدارة كل من فراس محمد ورامي نضال.