افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير أحمد حمادة
شهداؤنا الأبرار في الكلية الحربية، من مدنيين وعسكريين، من أطفال ونساء وشيوخ، من ضباط وصف ضباط، تنحني الهامات إجلالاً وإكباراً أمام أسمائكم وأوصافكم، وتجفّ أقلامنا ويعجز حبرها عن وصف يومكم هذا.
شهداؤنا الأبرار ستكتب سورية أبجدية النصر المزيّن بطيف أرواحكم، المعطر بدمائكم، وسيرد السوريون بكل قوة وحزم على من اعتدى عليكم، وسيحاسبون كل من خطط ونفذ هذا العمل الإرهابي الآثم والجبان.
لقد اعتدى عليكم الإرهابيون اليوم، وكل العالم يعلم أنه على مدى عقد ونيف من الزمن من الحرب الإرهابية على سورية لم تكتف التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة باستهداف الأبرياء من أهلنا في المناطق التي تسيطر عليها، ولا بقصف القرى والمدن الآمنة بأسلحتها، ولم تكتف بتدمير البنى التحتية لمؤسساتنا ونهبها وسرقتها، ولم تتوقف عند حدود محاصرة المدنيين واستخدامهم دروعاّ بشرية لحماية عناصرها، ولا بسرقة الموارد والثروات والممتلكات الخاصة.
ولم تتوقف عند انتهاكاتها لحقوق الإنسان في كل بلدة سورية تسيطر عليها، بل مارست هي ومشغلوها المحتلون كل أنواع الإرهاب والقتل والحصار والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية خجلاً، واليوم باستهدافها بالطائرات المسيّرة حفل تخريج طلاب ضباط الكلية الحربية في حمص فإنها تضيف إلى سجلها الأسود جريمة أخرى.
اليوم ارتقى عدد من الشهداء من مدنيين وعسكريين وأصيب العشرات بجروح بينهم إصابات حرجة في صفوف الأهالي المدعوين من نساء وأطفال، إضافة إلى عدد من طلاب الكلية المشاركين في التخرج بهذا الاعتداء الإرهابي الآثم، لتؤكد هذه التنظيمات الإرهابية أنها ماضية في إمعانها بنهجها الإجرامي واستمرارها في سفك الدم السوري.
إن التوصيف الدقيق لمثل هذا العدوان هو أنه عدوان جبان، وهو عمل إجرامي غير مسبوق، فلا المواجهة كانت في ساحة المعركة، ولا الحضور من العسكريين الذين يستعدون لخوض معركة، بل حفل تخرج، ومعظم حضوره من الأطفال والنساء الذين جاؤوا ليحيوا أحبتهم، ويفرحوا معهم.
اليوم كل شرفاء العالم يصرخون بالفم الملآن إن استمرار الوجود الإرهابي في محافظة إدلب وشمال وشرق سورية أمر خطير وغير مقبول، وإن الإرهابيين مازالوا يرتكبون الفظائع بحق السوريين، وإن خطفهم لتلك المناطق يؤثر في تقدم الحل السياسي في سورية، إلا واشنطن وأنقرة وحلفاء أميركا فإنهم يفعلون العكس، يثبتون أقدام الإرهابيين، ويدعمونهم بالسلاح والتستر على جرائمهم، ويقيمون الدنيا عندما يجتمع مجلس الأمن أو سواه للحديث عن المساعدات الإنسانية التي يختطفونها.
الأمم المتحدة تصنفهم ضمن التنظيمات الخطرة جداً، وتضعها على لوائح الإرهاب الدولي، بينما عواصم الغرب الملتحقة بالقاطرة الأميركية يدعمونهم بالمال والسلاح والحماية، ويناورون للفصل بينهم وبين من يسمونهم “معتدلين”.
دمروا الرقة عن بكرة أبيها وقتلوا الآلاف، وألقوا القنابل فوق قرية “طوخار” شمال منبج وقتلوا آنذاك مئة وعشرين قروياً، وفعلوا الأمر ذاته في مئات المناطق السورية، ولم يهتز رمش قاض دولي واحد، ولم يستنفر مسؤول واحد في منظمة حقوق الإنسان، والأمر ذاته اليوم، فلا من يدين هذا العمل الجبان من عواصم أدمنت القتل والإرهاب، ولم تترك جريمة حرب إلا واقترفتها، من دعم للتطرف والإرهاب وتحريض على العنف والكراهية، إلى التدمير الشامل.
شهداؤنا الأبرار في الكلية الحربية، من مدنيين وعسكريين، من أطفال ونساء وشيوخ، من ضباط وصف ضباط، الرحمة لأرواحكم والخزي والعار للقتلة ومشغليهم في عواصم لا تحترم حقوق إنسان، ولا تفرق بين طفل وامرأة، ولا بين جندي ومدني، وسيبقى السوريون على عهدهم، مهما اشتدّ إرهاب تلك العواصم ومهما فعلت أدواتها.