من اللطائف أو الطرائف التي تروى أن العرب ليسوا بحاجة إلى غزو الفضاء واستكشافه، لأن الفضاء يأتيهم بكواكبه ونجومه ألا تقول إحدى الأغاني (على بابي واقف قمرين) فما حاجتنا إلى التعب وعناء السفر إلى الفضاء؟
بكل الأحوال ليس هذا إلا مدخلاً لقول جميل جداً قرأته على الشابكة (بلغنا القمر ونسينا الجار)، يا له من تعبير مدهش يختزل الكثير من القضايا الاجتماعية التي يجب الوقوف عندها لاسيما بعد المتغيرات التي حدثت مع العدوان على سورية ومع فورة الفضاءالأزرق، وانشغال الأب عن ابنه، والأم عن ابنها، والكل عن الكل، بل انشغال المرء نفسه حتى عن طعامه وشرابه وانعزاله وراء شاشة صغيرة يظن أنه من خلالها يحكم العالم، لكن الواقع غير ذلك تماماً.
لقد نسينا حق الجيرة التي تعد من أهم أركان تماسك وصمود أي مجتمع، ألا يقولون (فتش عن الجار قبل الدار)؟
وفي القصص المروية أن أحدهم أراد أن يبيع داره، فطلب مبلغ 2000 درهم ثمناً للبيت، وقال: 2000 درهم أخرى ثمن جيرة فلان، عرف جاره الأمر فقدم له 4000 درهم وقال: هذه لك ولا تبع، فمثلك لا تعوض جيرته، صحيح أن ظروف الحياة العاصفة والقاسية انستنا الكثير من القيم والعادات والتقاليد التي نعتز بها، لكن علينا أن نعود إليها ولو بالحد الأدنى الممكن، وهذا موجود ونراه في الكثير من محطات الحياة، ولكنه ليس كافياً تماماً، هي دعوة لأن نؤصل قيمنا، ونعمل قدر الإمكان على استعادة الزمن الجميل، لأننا نستعيد أنفسنا، فما نفع اتساع العالم بكل فضائه، إذا كانت نفوسنا ضيقة لا تتسع حتى لأنفاسنا، ورؤيانا قاصرة لا ترى أبعد من أرنبة الأنف، إنه عالم يضيق كلما اتسعت مساحة الانعزال.