الثورة- رنا بدري سلوم:
حالة تفاعلية يعيشها النحّات مع الحجر الخام، لينطق بمجسمٍ، هو أقدر على تشكيل مشهد رؤاه الوجداني، بهدوء ورزانة يمتلكها الفنان وضاح سلامة استطاع أن يخلق من صمته أفقاً خاصاً به، وهذه المرّة استخدم في منحوتته اللون الأزرق السماوي والتي استحوذت على إعجاب الناظرين، من ضمن تسع منحوتات جميلة لنحّاتين شاركوا في ملتقى بخاسون الثقافي الفنيّ الثالث للفنون الذي أقيم مؤخراً في محافظة اللاذقية.
رئيس قسم النحت في معهد تقانة الفنون التطبيقية الفنان وضّاح سلامة صرّح لصحيفة «الثورة» أنّ المنحوتة الحجرية عنوانها «يوماً ما» مهدياً العمل إلى روح أمّه التي سيأتي اليوم ويلتقي بها، قائلاً: «روحها ترافقني في كل خطوة من خطوات حياتي، ولها علاقة وطيدة بحالة الفن التي أعيشها، لكن هذه المرّة كانت ملازمتي بكل لحظة منذ لحظات العمل الأولى وأول ضربة إزميل على الحجر، لذلك أردت أن يخلّد العمل الفني ذكرى أمي، ضمن منحوتة فنيّة عبارة عن طائر يخرج من أعبائه وهمومه وينفض عنه غبار الحياة ويتجلّى إلى السماء حيث تجتمع أرواحنا، وقد أضفت اللون الأزرق في جناحيه للدلالة على حالة التجلّي»..
وعن سؤال هل تكون فكرة المنحوتة جاهزة مسبقاً قبل بدء النحّات بها؟ وهل تخلق الطبيعة أرواحاً قادرة أن تغيّر وجهة عمل الفنان ومشروعه؟ يجيب سلامة: هي حالة تفاعلية وحوار روحي بين الحجر والفنان يحاكي الحجر بإزميل يجمع تراكمات لمشاهدات فنية وثقافات مختلفة وهواجس قد تؤرقه، وهنا يقف أمام الحجر الخام فتولد فكرة المنحوتة، ينفّذها وهو يضيف من لمساته الفنيّة روحاً وبصمة خاصة تدل على هويته..
وعن الطبيعة وقدرتها على إعادة صياغة أفكار الفنان يقول إن حجر بخاسون في اللاذقية مميز والطبيعة تخلق حالة مشهدية تساعد الفنان أن يبدع في إنجاز ذائقته الجماليّة التي يستحوذها بحواسه الخمس فيلتقط ويصيغ كل ما هو جاذب وساحر من حوله ليخدم عمله الفنيّ، خاتماً بالقول إن الحجر ابن بيئته والنحّات لا يغير هوية المنحوتة بقدر ما يخلقها بروح جديدة ويظهر بلمساته عليها إنسانية الإنسان.