ظلام حالك يشبه الحبر يلف شوارع كثيرة في مدننا وقرانا في مشهد لا يشجع على خروج طفل أو سيدة ليلاً إلى الطريق ولو كان الوقت مبكراً، لأن الاحتمالات مفتوحة على كل السيناريوهات من التعرش لأفعال جرمية أو لا أخلاقية، رغم الاضطرار أحياناً إلى الخروج من المنزل لسبب لا يعترف بالأعذار والظروف المحيطة القائمة.
هذا الواقع ليس حكراً على مدينة أو محافظة، بل هو حالة عامة والشكوى منه عامة كذلك، في وقت تبذل فيه كل الجهات المعنية جهدها حثيثاً للبديل وهو الطاقات المتجددة من شمس وهواء وسواها، وعلى الرغم من كل الظروف العامة والحصار الاقتصادي وسواه من العقبات، إلا أن إنارة الشوارع بهذا النوع من الطاقات ليس مستحيلاً وليس مكلفاً كذلك، الأمر الذي يدفع للسؤال عن الفائدة المجنية من هذا الظلام الحالك؟!
تجارب عدة طبقت لإنارة الشوارع والأزقة بالطاقة الشمسية ونجحت إلى حد بعيد، وتهالكت أيضاً بشكل كبير نتيجة عدم المتابعة رغم أن معظم تمويلها يأتي من تبرعات أو منظمات أممية.
والسؤال هنا ما الذي يمنع من تطبيق التجربة وتعميمها محلياً من منطلق وطني، وكلنا يعرف أن البطاريات الموجودة في السوق بأغلبيتها تجميع محلي، ناهيك عن لوح مصغر قزم يوضع اعلى عمود الكهرباء المظلم ليجمع طاقة الشمس طوال النهار، ويطلقها ضوء لساعات لا يحتاج المواطن أكثر منها لقضاء حوائجه، في بيئة طبيعية سليمة تقيه عناء السقوط والتعثر والحوادث غير المحسوبة.
ليس الأمر بمستحيل وليست وزارة الإدارة المحلية والبيئة بعاجزة عن هذا، فالمسالة ضرورة عامة وليست ترفاً ولا سيما أن الشتاء قد دخل، والظلام يحل سريعاً وقضاء الكثير من الحوائج يكون بعد حلوله، الأمر الذي يفرض إيجاد حل هو موجود أصلاً، ناهيك عن تجارب كثيرة للتعاون بين المجتمع المحلي والمجالس المحلية في هذا الأمر وتحديداً في الأرياف في مضخات المياه والمدارس والمراكز الصحية وسواها، وكانت النتيجة رائعة، فما الذي يمنع من تجربة ذلك في الإنارة؟!
لعل إطفاء الأضواء الساطعة نهاراً يوفر بعضاً من الطاقة النادرة ليلاً، ويتيح مزيداً من هذه الخدمة للمواطن.
التالي