مهما حاول العدو الصهيوني إخراج كل ما في مخبئه من إجرام وحقد وتعطش للدم وغريزة انتقام بعد الهزيمة والضربة القاصمة التي تلقاها من المقاومة الفلسطينية في غزة فإنه لن يستطيع تجاوز حقائق عديدة أولها أنه كيان مرفوض من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية وقوى أخرى في العالم، فهو واقع قائم بالقوة، وليس حقيقة مقبولة وشرعية بدليل استمرار رفضه شعبياً مع تمسك أهل الأرض بأرضهم وعدم مغادرتها أو سعيهم ونضالهم للعودة إليها واسترجاعها، فهو كيان غير مستقر، وما دام غير مستقر فهو لن يستمر، والحقيقة الثانية أنه كيان لديه إمكانيات عسكرية هائلة ومتطورة، ولكنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه إلا بالمساعدات والتدخل الخارجي، والدليل على ذلك ما جرى في حرب تشرين عام 1973 حيث أنقذ من هزيمة محققة لولا المشاركة الأميركية له في الحرب من خلال قوات الأطلسي الموجودة في أوروبا، وكذلك في معارك غزة الأخيرة والتدخل الأميركي المباشر عبر حاملات الطائرات ونقل الأسلحة والذخائر عبر الطائرات العملاقة ومليارات الدولارات التي منحت له عبر البيت الأبيض والكونغرس، وتحول الإدارة الأميركية إلى إدارة إسرائيلية للصراع من خلال تواجد وزراء الخارجية والدفاع والرئيس بايدن نفسه وحضورهم اجتماعات الحكومة العسكرية المشكلة أو الكابينيت وحكومة ماسمي الوحدة الوطنية.
الحقيقة الثالثة وتتمثل في أن جنود العدو لا يجرؤون على الاشتباك المباشر مع المقاتل والمقاوم، فهم يهوون القتل ويرغبونه ولكنم يخشون القتال والالتحام، فيلجؤون للضرب عن بعد إما باستخدم الطيران والقوة الجوية أو المسيرات وإما عمليات الاغتيال وكل ما يحمله ذلك من جبن وخساسة وغدر، الحقيقة الرابعة أنهم لكي يخفوا حقيقة فشلهم وعدم قدرة قواتهم المسلحة وخشيتها من المواجهة المباشرة يحيلون هزائمهم تلك إما لأجهزة الاستخبارات إما للقيادات السياسة حتى لا تتأثر صورة جيشهم الذي صورته آلتهم الدعائية لدى ما يسمى شعب إسرائيل أنه الجيش الذي لا يقهر، وصاحب الذراع الطويلة التي تصل إلى حيث يشاء، فالواضح من خلال حرب غزة وحرب تموز عام 2006 أنهم يمتلكون فائض قوة عسكرية هائلة ولكن جنودهم لا يملكون إرادة القتال والاستعداد للتضحية والشجاعة والإيمان الذي يملكه المقاتل المقاوم سواء أكان فلسطينياً أم لبنانياً أو سورياً أو مصرياً وغيره، فالقوة المعنوية والروحية تتفوق هنا على القوة المادية ودرجة ومستوى التسليح، الحقيقة الخامسة أن القول الفصل في القضية الفلسطينية هو للشعب الفلسطيني وحركته المقاومة وأن القضية الفلسطينية ليست ورقة في جيب أحد للمتجارة والمساومة والاستخدام الأداتي، وإذا كانت القضية الفلسطينية بطبيعتها مركبة في أبعادها الوطني والقومي والإسلامي، وبوصفها أيضاً حركة تحرر وطني لها من يساندها ويدعمها ويقف إلى جانبها إلا أن ذلك التكثيف لا يلغي حقيقة أن الشعب الفلسطيني هو صاحب القول الفصل فيها بالنتيجة، وهذا ما أثبتته معركة طوفان الأقصى، وأن ما سمي تطبيعاً ما هو إلا كذبة كبرى لا تعني أبناء الأمة العربية والإسلامية الذين انطلقوا وتحركوا في كل أرجاء العالم دعماً ومساندة للشعب الفلسطيني، وهو يتعرض لعدوان همجي إرهابي من الكيان الصهيوني وداعميه وشركائه في القتل دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية مدعية حقوق الإنسان ومبادئ ولسون المتعلقة بحق تقرير المصير للشعوب المستعمرة، الحقيقة السادسة أن الصورة السلبية التي شكلها الإعلام الغربي والصهيوني والفكر الاستشراقي عن العرب والمسلمين في المخيال الجمعي الغربي بما فيها من عنصرية وحقد قد سقطت كما اهتزت الصورة التي شكلتها السردية التاريخية التلمودية عنهم أيضاً، الحقيقة السابعة لم يعد الإعلام الغربي المأخوذ بالرواية السياسية الاسرائيلية قادراً على توطين روايته في أوساط الرأي الغربي والتأثير فيه، فثمة رواية عربية وفلسطينية باتت قادرة على التأثير الإيجابي وتغيير الصورة أو على الأقل نقل رواية أخرى مغايرة فيها دقة ومصداقية وسرعة في النقل وقدرة تصديرية فاعلة والدليل على ذلك الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها العديد من الدول الأوروبية أميركا ذاتها استنكاراً وتنديداً بما يجري في غزة من إجرام ترتكبه قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وتضامناً مع الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن حقوقه المشروعه في إقامة دولته المستقلة في وجه سلطة احتلال، الحقيقة الثامنة وتتمثل في أن ثمة إرادة دولية بدأت تقر بشكل غير مسبوق بأن المنطقة لن تشهد أي استقرار وستبقى كرة النار والنفخ بها قائماً حتى يتحقق الحلم والحق الفلسطيني المتمثل بزوال الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها التاريخية مدينة القدس.

السابق
التالي