لا أعرف إن كان المضي بأي برنامج أو حملة أو مشروع عملت عليه الجهات المعنية بأي قطاع طوال السنوات الأخيرة واستكملته بالمعالجة والإحاطة بكل تفاصيله من ألفه إلى يائه أمراً مستحيلاً وغير قابل للتحقيق هل يعقل عدم القدرة الذي نشهده من قبل العديد من أصحاب القرار بإدارة ملفات مهمة؟ دون التمكن ولو من الوصول لمنتصف الطريق على أقل تقدير.
والإجابة عما تقدم والحديث بهذا المجال ذو شجون والملفات والقضايا الاقتصادية والصناعية والمعيشية وغيرها الكثير ما طرح على طاولة الحوار والنقاش بعناوين كبيرة ووعود وتصريحات نارية ادعت جميعها أن ما قبل هذا اللقاء ليس كما بعده، وهذا الملف أو ذاك سيوضع على سكته الصحيحة وسيحاسب كل من يخالف أو يستغل ظروف البلد وحاجة الناس إلا أن الواقع أظهر تراخي يد المحاسبة والتجاهل من قبل أصحاب القرار، ما ساهم بشكل كبير في استمرار تراجع الأداء والإنتاجية في القطاعات المستهدفة وفي أحيان كثيرة تفاقمها لا بل أعطى الضوء الأخضر للتجار والمستوردين والمستغلين ومقتنصي الفرص للمضي في تجاوزاتهم وتحديهم الوقح الذي فاق كل ما يندرج ضمن مبادئ وأخلاقيات العمل التجاري التي يفترض أن يجسد في مثل هذه الأوضاع التي تمر على البلد.
ولعل ملف الحمضيات الذي تتجدد صعوباته ومشاكله بكل موسم الأكثر حضوراً كمثال هنا عن رجحان كفة الكلام والوعود بمعالجته على كفة النتائج والمعالجة والدليل ان وفرة الموسم وتنوع اصنافه الذي يفترض أن تشكل حالة من الارتياح باتت هما على المزارعين لخوفهم من بقاء برتقالهم وليمونهم على الشجر لضعف التسويق وعلى الجهات المعنية لعدم تمكنها من إيجاد حلول ومعالجة لمعوقات ملف تسويق وتصدير الفائض من الحمضيات واهمها ربما مرحلة توضيب المنتج بأسلوب يسمح بمرورها للأسواق المصدرة.
ونؤكد هنا على مرحلة التوضيب والتغليف لأنها نقطة الضعف الأبرز في عملية تصدير الفائض من الحمضيات وكانت في أكثر من مرة سبباً رئيسياً في رفض شحنات بالعديد من الأسواق الخارجية، وغني عن القول إن الموضوع لا يتوقف عند رفض شحنة بل الإساءة لمكانة وأهمية منتج استراتيجي بالنسبة لسورية وللمنتجات الأخرى عموماً التي سجلت لها مكانة مرموقة في خارطة البلدان المصدر لها لسنوات طويلة وحظيت أيضاً بإقبال كبير من المستهلكين بتلك الأسواق وفي مقدمها الحمضيات وزيت الزيتون وغيرها.
من هنا فإن استمرار الفشل في تجاوز تلك المعيقات وتقاذف المسؤوليات عنه بين الجهات المختصة بهذا الملف أمر لم يعد مبرراً رغم وجود أسباب موضوعية يفرضها الضغط الاقتصادي على البلد، ولكن لو خرجنا قليلاً عن التفكير النمطي المتبع بمعالجة هذا الملف منذ سنوات وتم التوجه للعمل خارج هذا الصندوق، وهناك عشرات إن لم نقل مئات الأفكار والمقترحات المبنية على الواقع ودراسات الجدوى التي يمكن تبنيها وترجمتها حلولاً على الأرض لما كنا وصلنا لما نحن فيه من مراوحة بالمكان واستمرار نفس الصعوبات والمشاكل التي تواجه العديد من الملفات الاقتصادية والمعيشية.

السابق
التالي