عندما تدخل إلى مكاتب بعض الوزراء والمديرين تشاهد شبكة من الخطوط تشعر أمامها أنك في غرفة هيئة العمليات، أو مركز الطوارئ، أو غرفة عمليات المرور المركزية، ولكن القصة أن هذه الشبكات هي عبارة عن خطوط مربوطة بكاميرات مراقبة للمكاتب والمداخل والمرافق وكأن الوزير أو المدير الذي يجلس خلف الشاشة المربوطة بهذه الكاميرات يقوم بمهمة مراقبة وليس إدارة.
أزمة الكورونا أدخلت تقنية ( الكون فرانس ) أي الحوار عبر تقنية الفيديو منعاً للاختلاط وانتقال الفيروس، هذا الأمر انتهى عند الكثيرين بانتهاء فترة الحجر وبدأت الوفود من الأطراف الى المراكز والأمر مستمر على حاله لدرجة أن البعض تشكل له هذه الاجتماعات أعباء مادية وإضاعة للوقت.
بعض الوزارات والمؤسسات طورت الفكرة وربطت مديرياتها كافة بالمركز، وجهزت قاعة لاجتماعاتها عبر الفيديو، وتعقد اجتماعاتها بشكل أسبوعي وبحضور ومسمع الجميع، وهذا نشَّط العمل وأتاح للجميع معرفة مشكلات ومشاريع الآخرين، واستفاد من ملاحظات أقرانه و وفر الكثير من السفر واذوناته وهدر الوقت والمال.
تطوير هذه التقنية يُمكن تعميمه وتسجيل جلساته، وإعطاؤها الصفة القانونية بزمن التحول الرقمي والالكتروني، و قد يكون من المفيد استخدام تقنية الفيديو في المقابلات لاختيار الإدارات بما يوفره ذلك من أعباء على المراكز وعلى الفروع معاً لأن الاختبارات تتم لأعداد كبيرة لدرجة أنك تعتقد عندما ترى الأعداد أن هناك مسابقة توظيف وليس اختيار إدارات.
بالعودة إلى كاميرات المراقبة واستخداماتها وتوظيفها بغير هدفها والمتجسد بأمن المنشأة أو المؤسسة والمفترض أن يكون من خلال غرفة مراقبة لها مشرفون ومختصون معنيون بأمن المنشأة وليس في مكاتب الإدارات ورأس الهرم في المؤسسات.
جارنا أبو أسعد بعد ما توفيت زوجته وبقي وحيداً ورفض ترك الضيعة والعيش مع أولاده في دمشق، أولاده ركبوا له كاميرا بذراع متحرك، وعلموه كيف يحركها ويستعيد ما سجلته لمراقبة الدار ومحيطه و لاسيما الدجاجات خوفاً من “الجقل”، وفي أول يوم لسفر أولاده بعد انتهاء عزاء زوجته جلس خلف الكاميرا يحركها بكل الاتجاهات لمراقبة جيرانه أبو منير وأبو سليمان، و عند الماء جلس يستعرض أمام جيرانه ما سجلته الكاميرا لأبو منير وأبو سليمان و في هذا الوقت أتى “الجقل” وداهم القن، وأخذ نصيبه من الدجاج وهرب دون أن يشعر به أحد.
حال كثير من الجهات العامة كحال أبو منير جلسوا يراقبون الكاميرات ونسوا مهمتهم وواجباتهم فضاع الوقت بالمراقبة وخسرت المؤسسات بالاستعراض، و هرب اللصوص دون أن يتمكن منهم أحد.
– هامش١ “الجقل” هو الثعلب..
– هامش٢ الجهات التي يوجد فيها كاميرات مراقبة في مكاتب الوزراء والمديرين جميع الجهات.
معد عيسى