الثورة – رفاه الدروبي:
يتَّجه أسلوب الفنان غسان جديد إلى الطبيعة المحيطة به وخاصة البحر بألوانه المتدرِّجة، ويظهر إحساسه حين ينثر ألوانه على القماش، مختزلاً المساحات اللونية، كما تلاعب بسطح العمل كي يعطي تناغماً له وسط دسامة لونية في بعض لوحاته تمثَّلت ب ٥٩ عملاً في معرضه الأخير حيث يُظهر فيها فرح الطفولة ورحلات الصيادين في البحر؛ لكنَّها لاتبدو بشكل مباشر إنَّما بحالة تجريدية- تعبيرية.
معرض الفنان جديد في صالة البيت الأزرق حمل جملة عواطف وأفكار وحبور الحياة وانطلاقتها، مختزلاً فيها أربعة عقود من خبرته الطويلة برؤيته الفنية الخاصة الممزوجة بمنهج أكاديمي للفنون التشكيلية، إضافة إلى تراكمات بصرية وقراءات معمّقة بالفن باعتباره من الرعيل الثالث في الفن السوري.
الفنان التشكيلي غسان جديد أشار بأنَّ معرضه إضاءة لفترة ستينات وسبعينات القرن الماضي مستوحى من المنطقة الساحلية، يُعبِّر فيه عن محبة أو عاطفة لمدينتهم طرطوس، وتشمل أعماله كل ما تحمله من جمال الساحل بشمسه ومائه وحتى رمله ورطوبته وضيائه، محاولاً إيصال السكينة والسلام والمحبة من خلال لوحاته، مُؤكِّداً على الفرح والسعادة والأمل والسكون بأعمال رسمها بألوان الإكريليك والطباعة فيها أحياناً، وفي بعض الأعمال استخدم الكولاج من أوراق الصحف والقماش من نوع الخيش، وكل عمل له جوّه الخاص به اعتمد على السكون والوحدات الحركية والمناظر الخيالية أحياناً والغموض في أخرى. نهج أسلوب المدرستين التعبيرية والتجريدية فيها.
التشكيلي بطرس خازم أشار بأنَّ الفنان عمل على بيئته ودأب على بسط الألوان، مُتَّخذاً الاتجاهات الحديثة، لاغياً البعد الثالث لكن لم يصبح تجريدياً، لافتاً بأنَّه أخذ روح الطبيعة في مدينته طرطوس القديمة وراح يُبسِّط الألوان كي تكون قريبة منها وجعل خط الأفق بالواقع مدمجاً غير ظاهر؛ ولم يرسم بعداً واقعياً بل خاص به كي يظهر حداثة العمل حسب تأملاته وتجاربه، مُظهراً الطبيعة ليتفرَّد بأسلوبه الخاص به.
كما أكَّدت التشكيلية ربا قرقوط بأنَّ الفنان “جديد” يعتبر مدرسة بحدِّ ذاتها، واتبع أسلوب السهل الممتنع، وأغلب اللوحات تفتح آفاقاً وأحلاماً وتعكس ألوانها أملاً، فتبدو لديه اختصارات دائماً، ولايصل لها إلا بعد تجربة قوية.
بدوره التشكيلي بسام الحجلي رأى بأنَّ المعرض مميز بتكوين الفنان وشخصيته المفردة ويحتلُّ مكان الصدارة بين أسماء الفنانين المهمين على مستوى القطر، منوِّهاً بأنَّه طرق باب التراث السوري والبيئة الدمشقية الظاهرة في القباب بشكل مُبسَّط وتنقَّل بين المنازل بمختلف أشكالها، مُقدِّماً في كلِّ مفردة من مفردات اللوحة صياغة لونية تشريحية.
من جهته التشكيلي مصطفى علي بيَّن أنَّه أبرز مدينته البحرية طرطوس بواجهاتها المُطلَّة على البحر، واستطاع أن يُبسِّط اللوحة ويُحوِّلها إلى عمل فني ببيئة تجريدية – تعبيرية فيها تشخيص، كما اعتمد في توزيع العمل الفني على مساحة هندسية التكوين، وقدَّم أعماله بجرأة لونية بحيث يتناقض بها بين الألوان الحارة والباردة الداكنة والفاتحة بتكوين الخط والتوزيع والمساحات في اللوحة وبين الزخرفة ولديه عنصر التعبير موجود بقوَّة رغم أنَّه اعتمد على الخط الأسود بالحبر الصيني فكان معرضاً مميزاً.